لم ترُق عبارة "حبر على ورق" للسلطات المغربية وهي تتابع انتقادات منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان للمغرب في تقريرها 2015 الذي تحدّث عن الوضع الحقوقي بالمملكة، والصحراء الغربية. وسارعت الرباطإلى اتّهام تلك المنظمة الأميركية بـ"التبخيس والانطلاق من مصادر واحدة". وجاء في التقرير -الذي أعلن في ندوة صحفية بالرباط-أن الإصلاحات التي قام بها المغرب "لم تؤد إلى تحسين الممارسات، أو إقرار تشريعات تُراجع القوانين القمعية أو تطابق المضامين القوية لدستور2011". وسجّلت المنظمة في تقريرها عدة ملاحظات بخصوص الوضع الحقوقي بالمغرب والصحراء الغربية فيما يتّصل بحرية التعبير وغيرها "منها رفضُ السلطات المغربية الاعتراف القانوني بجمعيات حقوقية جديدة أو موجودة منذ مدة طويلة". وبخصوص حق التظاهر وحرية التجمع، قال التقرير "باستثناء التظاهر في الصحراء الغربية، تسامحت السلطات مع المظاهرات المتكررة، بما في ذلك المنتقدة، على الرغم من أن قوات الأمن فرّقت بعضها بالقوة". الأنصاري: الوضع بالصحراء الغربية كما هو (الجزيرة) ولكن وبينما يرى البعض أن المغرب حقّق "تراكما إيجابيا في المجال الحقوقي" قال إبراهيم الأنصاري الباحث بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة "يصعُب الحديث عن ذلك في ظل استمرار القوانين الزجرية والقمعية لحرية التعبير والرأي، وفي ظل التفاوت الصارخ بين الخطاب والواقع". وأضاف في تصريح للجزيرة نت "لا يمكن إنكار الخطوات المهمة التي أنجزها المغرب كالقانون الخاص بالعدل العسكري الذي يمنع مُثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وإلغاء الفصل المتعلق بتزويج الفتيات بمغتصبيهن، لكنّ المغرب قدّم وُعودا طموحة في مجالات أخرى كحرية الصحافة وإصلاح العدالة لكنها لا تزال حبرا على ورق". وحول الوضع في الصحراء الغربية، قال الأنصاري "نعتقد أنه لا يزال على ما هو عليه رغم بعض التغييرات في سلوك السلطات، مثل السماح بسفر النشطاء الصحراويين إلى الخارج، إلا أن المنع الممنهج لا يزال يطال كل المظاهرات التي ينظمها النشطاء المؤيدون لحق تقرير المصير". وأثار التقرير انتقاد السلطات المغربية التي تحدّثت في بلاغ صادر عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان "عن التناقض بين التعبير الصريح لهذه المنظمة عن ارتياحها للعمل بالمغرب، وما جاء في التقرير منتبخيس لمجهودات المغرب في مجال حماية الحقوق والحريات للجميع، بما فيه المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية". تقرير ووتش أشار إلى أن السلطات تسامحت مع عدد من المسيرات الاحتجاجية (الجزيرة) رفض ورفضت المندوبية "أي تقييم أو انتقادات مبنية على مجرد ادعاءات وانطلاقا من مصادر واحدة" مشيرة إلى أن المغرب "انخرط في مسار إصلاحات تدرجي وتشاركي لم يحصل فيه أي تراجع". وكشفت المندوبية الوزارية عن دعوة سابقة وجّهتها السلطات للمنظمة المذكورة من أجل عقد لقاء بمقرها في نيويورك "على أعلى مستوى بما يؤمن المزيد من التفاعل والشفافية في التعاون، وهو ما لم تستجب له بعد المنظمة المذكورة التي تتشبّث بما تقترحه هيَ فقط". ويرى محمد سالم الشرقاوي رئيس "اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون-السمارة" وهي فرع عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن القضايا التي تم طرحها في التقرير "أمر واقع، ونحن كثيرا ما دافعنا وترافعنا من أجل احترام حقوق الإنسان من قبيل حق التظاهر وحق إقامة وتأسيس المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان". ويضيف الشرقاوي "هناك تجاوب ملحوظ على اعتبار أن الأجهزة الأمنية بدأت تستجيب لرغبتنا الملحة في التكوين حول مجال كيفية التعامل مع مثل هذه القضايا، وهو ما سينصبّ عليه اهتمامها في المراحل القادمة".