القارئة سلمى من المدينة المنورة، موظفة في الحرم النبوي، تقوم بالإشراف على تنظيم المصليات والزائرات، تقول إنها بلغت الأربعين ولم تتزوج سوى من بضعة أشهر، وقد فرحت بالزواج لأنها متلهفة على الإنجاب، لكنها سرعان ما صدمت عندما عرفت أن جهة عملها تشترط على الموظفات عدم الحمل أثناء مدة العقد، ومن تحمل منهن تعاقب بالاستغناء عن خدماتها وعدم التعاقد معها من جديد. وتبرر سلمى صدمتها لكونها كبيرة في السن، فهي لو كانت أصغر سنا لما تضايقت من هذا الشرط، ولكن في مثل سنها تأخير الحمل بضع سنوات يعني ضياع فرصة الإنجاب عليها إلى الأبد، فماذا تفعل؟ إنها لا تستطيع ترك العمل والتضحية بالراتب الذي يمثل لها مورد رزق يعينها على الحياة، خصوصا أن زوجها محدود الدخل، كما أنها لا تملك أي مؤهلات علمية أو خبرة في أي مجال آخر كي يتسنى لها الحصول على عمل بديل؟ تقول إنها صارت لا تنام في الليل من القلق وطول التفكير في هذه المشكلة التي تخنقها، وتسألني إن كان يوجد عندي حل لمشكلتها؟! جوابي لسلمى، أن مثل هذا السؤال لا يوجه لي، وإنما عليها أن توجهه إلى إدارة شؤون الحرم النبوي الشريف مباشرة!! يا إدارة شؤون الحرم ماذا على مثل هذه المرأة أن تفعل؟ أليس من حقها أن تعيش حياتها بصورة طبيعية؟ ولم تطالب النساء بدفع ثمن باهظ مقابل حصولهن على عمل بسيط كهذا؟! أليس في هذا استغلال لفقرهن وحاجتهن؟ إنه مهما أورد من مبررات لفرض هذا الشرط الثقيل على الموظفات، يظل شرطا يتنافى مع الإنسانية والحرية الشخصية، حيث يتمثل فيه التدخل المباشر في الحياة الخاصة للإنسان، إضافة إلى أنه يعد تمييزا ضد المرأة، فالمرأة هي التي خصها الله بمهمة الحمل والولادة، فكيف تعاقب المرأة على قيامها بما خصها الله به؟! ثم إن المرأة ليست كالرجل في القدرة على الاستمرار في الإنجاب إلى سن متأخرة، قدرة المرأة محدودة بسن صغيرة نسبيا متى تجاوزتها فقدت القدرة على ذلك، وحين يشترط على النساء عدم الحمل أثناء فترة العمل، فإن ذلك يضع المرأة الراغبة في الإنجاب أمام خيارين كلاهما مر، إما أن تترك العمل الذي قد تكون في حاجة شديدة له، وإما أن تترك الحمل فتحرم من الأمومة. سؤال أخير: هل يجيز نظام العمل فرض مثل هذه الشروط على الموظفات؟