عامل الوقت لم يعد يسمح بتأخير اتخاذ القرارات الهامة التي تتعلق بإدارة شؤون الوطن الداخلية وسياساته الخارجية وأمنه ومصالحه الاستراتيجية وطموح مواطنيه لتجاوز الإشكالات التنموية وتحقيق نمط أفضل للحياة يليق بهم وبوطنهم الذي أصبح رقما مهما في المعادلة العالمية اقتصاديا وسياسيا، وعندما تكون الرؤية واضحة والأهداف محددة والوسائل والآليات الكفيلة بتحقيقها موجودة، فإن تأخير اتخاذ القرار يصبح تعطيلا تتراكم نتائجه بشكل متضاعف، ويحتاج تجاوزها أضعاف ما كان ممكنا من الوقت والجهد. هذا التوجه الديناميكي الناجع هو ما أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز أنه يؤمن به منذ اللحظات الأولى لاستلامه مقاليد الحكم حين أصدر جملة من القرارات تتعلق بترتيب مؤسسة الحكم ومناصبها العليا دون انتظار أو تردد طالما هي تحقق المصلحة العليا للوطن وتضمن استقراره وتقطع الطريق على التكهنات والتنبؤات والإشاعات التي يبثها المتصيدون الذين يزعجهم ثبات الوطن واستقراره وتماسكه. وتأكيدا لهذا التوجه، فقد انطلق قطار القرارات بسرعة فائقة إلى محطته الثانية يوم الخميس حاملا في عرباته 33 قرارا وطنيا شملت كل أوجه إدارة الوطن، وصبت جميعها في تسريع محركاته وتنشيط دورته الدموية وتحديث برامجه، إضافة إلى إشاعة الفرح في روح المواطن بلمسة رمزية حميمة تمثلت في هدية الراتبين للموظفين والمتقاعدين والطلاب ومراجعة نظام الضمان الاجتماعي ليكون أكثر عدالة وحفظا لكرامة الإنسان. المضامين المهمة التي تجسدها القرارات يمكن اختصارها في الآتي: حينما تضخ الدولة 110 مليارات في يوم واحد، فإن هذا يعبر عن وضع مالي ممتاز واقتصاد صلب رغم الاهتزازات التي أصابت أسواق النفط والتراجع الذي أصاب معظم اقتصادات الدول، كما يؤكد أن مشاريع وبرامج التنمية المادية والبشرية مستمرة كما خطط لها ولن تتأثر أو تتراجع بسبب الظروف الطارئة على المصدر الرئيسي للدخل. كذلك، فإن القرارات أكدت على القناعة بضرورة مراجعة نمط إدارة مؤسسات الدولة بما يناسب متطلبات المرحلة ويتماشى مع الفكر الحديث للإدارة، ويقلص عوائق البيروقراطية وتضخم الأجهزة الذي يتسبب في الترهل وضعف الإنتاج. ومن أهم الرسائل في تلك القرارات أن المواطن هو من تسعى الدولة لخدمته وتسهيل معيشته وأمنه الحياتي، ولا أبلغ من التأكيد على ذلك مثل الرسالة التي بعثها الملك سلمان للمواطنين عبر حسابه في تويتر مساء الخميس. هكذا هي الأوطان الحقيقية، وهكذا هم الحكام الجديرون بالحكم. وحفظ الله وطننا من كل سوء.