×
محافظة مكة المكرمة

الصبحي يهدي مدير تعليم جدة لوحة «عين الوطن»

صورة الخبر

أجريت مقارنة بين كتاب قراءة في اللغة الانجليزية للصف الخامس يدرس في إحدى المدارس العالمية في الرياض، وبين كتاب لغتي الجميلة للسنة نفسها في التعليم الحكومي والأهلي، وللأسف وجدت الأول أكثر جذبا ومتعة وأكثر وضوحا وسلاسة، فالموضوعات مشوقة قريبة من نفسيات الأطفال، تجمع بين الخيال والواقع، ومحملة بكثير من القيم الإنسانية والاجتماعية والعلمية والأدبية التي تبث بصورة غير مباشرة، أما الصور والرسوم فهي مسلية ومعبرة، ولا يوجد ذلك الكم من التدريبات الذي يرهق كلا من المعلمة والطالبة، وقد وضع في نهاية كل درس نبذة مختصرة عن المؤلف والمصور تقدم بأساليب مختلفة، بينما كان كتاب الوزارة مليئا بالتعريفات والمصطلحات والتقسيمات والجداول التي يصعب على الطالبة التعامل معه، وفاجأني في الصفحات الأولى من كتاب الطالبة نص بعنوان "الجمل الشاكي "وهو حديث نبوي يحتوي على كلمات صعبة في نطقها ومعناها لا يفهمها إلا المتفقهون في اللغة، وأنا أستغرب كيف يمكن أن تتعامل طالبة في سن صغيرة مع صعوبته حتى ولو شرحت مفرداته ؟ ويمكن للقارئ أن يتأكد بالرجوع إلى النص وإلى نصوص أخرى. هذا الاختيار وغيره يطرح تساؤلا عن مدى قدرة المؤلفين على اختيار النصوص الملائمة، وعن سبب انتقاء موضوعات مملة رغم غنى كثير من كتب الأدب والتراث بالنصوص والقصص الجميلة، وإمكانية الاستعانة بكتابات عصرية لمؤلفين مبدعين؟ ومع ذلك فإن الكتاب المدرسي بما يحوي من أنشطة يظل رغم نقاط الضعف والقصور فيه أداة مهمة يجب أن تستغل بالشكل الصحيح والمفيد، والمعلمة المتمرسة قادرة على إغناء المادة وتسديد النقص بقراءاتها الخارجية وإجراء التعديلات أو الإضافات التي تراها مناسبة دون إخلال، خصوصاً في الموضوعات الإنشائية المكررة التي لاينمي أسلوب طرحها النمطي التفكير المنطقي الناقد عند الطالبة، فعلى سبيل المثال، تدرس طالبة الصف الرابع في كتاب لغتي الجميلة عن "الجو والفصول الأربعة" وتقرأ في موضوع الربيع عن" تفتح الأزهار وزقزقة العصافير وشدو البلابل وتغريد الأطيار وهديل الحمام وخوار البقر وتطاير الفراشات..إلخ " بينما لا تشاهد في الواقع إذا كانت من ساكني المدن الاسمنتية الحارة كثيرا من هذه المظاهر، وتحفظ في مرحلة أعلى نصا يمجد الماضي الذهبي للعرب والمسلمين، بينما ترى الطالبة أن الحاضر ليس بهذه الصورة المشرقة، الموقف الأول يتطلب من المعلمة أن تتوصل عن طريق المناقشة والشرح إلى أن مظاهر الربيع تختلف من مكان لآخر حسب موقعه الجغرافي وطبيعته ومناخه، فليس من المحتمل أن تتجلى الصورة التقليدية للربيع المرسومة في الكتاب في كل مكان وإن كان هذا لا يمنع من الاستمتاع به، والموقف الثاني يحتاج لأن تحاور المعلمة طالباتها بأسلوب مبسط فيما يعنيه استحضار الماضي، وكيف يمكن الاعتزاز به مع النظر إلى المستقبل؟ ما الدروس المستخلصة منه؟ وماهي سبل التقدم والبناء ؟ المعلمة الماهرة تصمم دروسها حسب حالة طالباتها ومستوى قدراتهن وتمزج ذلك بأحاسيسها وروحها وثقافتها المتجددة، وهذا ما يخلق المتعة في الفصل ويؤثر في حياة الصغار، ولذلك كنت أرد على تبرم وملل بعض المعلمات من تحضير الدروس على اعتبار أنه عمل مكرر بلا جدوى بعبارة قديمة قالها مرب سئل عن سبب استمراره في إعداد الدروس رغم سنينه الطويلة في التعليم فأجاب : "كي لا يشرب طلابي من مياه آسنة، بل من مياه متجددة دوما".