لم تكن الخمسينية "سعيدة" تعلم أنها ستكون آخر مرة تقود فيها سيارتها، ولم تكن تدرك أن المشوار الذي قطعته من منزلها إلى مستشفى "ثار" العام الذي لا يتجاوز ستة كيلومترات سيكون الأخير. شعرت السيدة بألم، فقررت الاعتماد على نفسها للوصول إلى المستشفى بسيارتها، إذ تعتاد كبيرات السن في المناطق البدوية قضاء حوائجهن بالسيارات، وعلى الرغم من دخولها المستشفى على قدميها إلا أنها خرجت منه وهي في غيبوبة، ما لبثت أن تُوفيت بعدها بساعات في مستشفى آخر. يقول المواطن م ح ح لـ"الوطن" إن "والدتي التي تبلغ من العمر 56 عاما كانت تعاني من الربو وحساسية في الرئة منذ ما يقارب ثماني سنوات، وكانت تراجع مستشفى "ثار" أسبوعيا، وتخضع فيه لفحوص طبية دورية، وفي صباح الأربعاء قبل الماضي شعرت ببعض الآلام، فاستقلت سيارتها وذهبت إلى المستشفى، وتم تنويمها لإجراء الفحوص اللازمة، بينما لحق أحد إخوتي بها مصطحبا أطفاله للاطمئنان عليها، وفي الوقت ذاته كانت أمي على اتصال بأولادها وبناتها وأبلغتهم جميعا أنها بحالة جيدة". وأضاف "بعد أن غادر أخي وأطفاله اتصلت به إدارة المستشفى الساعة 2:30 ظهرا في نفس اليوم وأبلغته بضرورة العودة، وعندما رجع لاحظ تجمع الطاقم الطبي حول الوالدة دون معرفة السبب، وأوضح التقرير المبدئي أن قلبها توقف مدة 20 دقيقة بشكل مفاجئ، مما يتطلب سرعة نقلها إلى مستشفى الملك خالد بنجران". وأوضح المواطن أن "الأطباء زودوا لوالدته جهازا للتنفس الصناعي، وتم نقلها عبر الإسعاف الطبي يرافقها طبيب الباطنية، إلى مستشفى الملك خالد، وأدخلت الساعة الـ3:30 عصرا، وتم تنويمها في غرفة الملاحظة وهي في غيبوبة، إلى أن تم نقلها إلى وحدة الحروق الخاصة بالرجال لعدم وجود سرير بالعناية المركزة لقسم النساء". وتابع الابن قائلا "ظللنا نتابع والدتي من خلف الزجاج إلى بداية ساعات صباح يوم الجمعة الماضي، وحينها تم إبلاغنا أنها انتقلت إلى رحمة الله، وسط ذهولنا جميعا دون معرفة الأسباب الحقيقية لوفاتها. وقال المواطن "لم أقتنع بمسببات الوفاة التي ساقها الأطباء ضمن تقرير حصلت عليه من مستشفى الملك خالد، وتقدمت للشؤون الصحية بنجران أمس بشكوى رسمية أؤكد فيها أن هناك إهمالا أو خطأ حدث في صرف العلاج لوالدتي مما تسبب في وفاتها"، مطالبا بتشكيل لجنة للتحقيق في الأمر، ومحاسبة المتسبب في الوفاة، معتمدا في ذلك على أن والدته قادت السيارة بنفسها، ودخلت مستشفى ثار على قدميها، وأن صحتها كانت مستقرة. وقال إن أحد الأطباء أخبره أن والدته تعرضت لتوقف بالقلب مدة 20 دقيقة صاحبه جلطة بالدماغ، ونزيف بالرأس. من جانبه، وجه مدير الشؤون الصحية بمنطقة نجران الصيدلي صالح المونس، مساعده للشؤون العلاجية للتحقيق في شكوى المواطن، وقال في رد على استفسار "الوطن" "سنقوم بالبحث عن المعلومات، وتزويد الصحيفة بها حال اكتمالها".