شهر يناير/كانون الثاني هو الأقسى على "الدولة الإسلامية" بطرد مسلحيها من كوباني بعد قتال استمر أكثر من 100 يوم ضد المليشيات الكردية. وتزامن ذلك مع نجاح القوات العراقية في دحر التنظيم من محافظة ديالى، كما أن مدينة الموصل، التي مازالت تحت سيطرة التنظيم، بدأت تصبح على وشك أن تفقد بدورها، هذا دون التذكير بنجاح عمليات القصف في تدمير جزء مهم من بنية التنظيم التحتية ومقتل الكثير من قائديه الميدانيين. وتؤكد المؤشرات أنه لن تكون لنجاح التنظيم في إجبار الأردن على الإفراج عن جهادية مسجونة وكذلك الهجوم على فندق معروف في العاصمة الليبية سوى مكاسب دعائية مؤقتة لن تغير من الأساسيات التي تحكم الواقع ولن تمنح ادعاءات التنظيم في نقل الإرهاب إلى أوروبا أي مصداقية في الوقت الراهن--تيم ليستر . لكن مع ذلك لا تنبغي الاستهانة بمعطيات أخرى ماثلة في الواقع من ضمنها أنّ التنظيم مازال يسيطر على 50 ألف كلم مربع من العراق وعلى ثلث الأراضي السورية ونحو 10 بالمائة من السكان. كما أنه مازال غرب بغداد في موقف المهاجم ولاسيما في محافظة الأنبار كما أنه أغار في الآونة الأخيرة على نقاط تفتيش على الحدود بين العراق والمملكة العربية السعودية. ويلخص ذلك تصريحات المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي التي أشار فيها إلى أن الأمر "لا يتعلق سوى بستة إلى سبعة شهور منذ بدايته... المعركة ستكون طويلة الأمد." كما ردد مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الأمريكية صدى المتحدث باسم وزارة الدفاع عندما قال "إن طرد داعش من كوباني ليس سوى المرحلة المبكرة من حملة تستمر أعواما..حيث أن داعش منظمة قادرة على أن تكيف نفسها مع كل الأوضاع مما يجعل من عبارة مثل المنعرج غير منطقية الآن--مسؤول عسكري أمريكي ." لكن مع ذلك، يشدد المحللون الاستراتيجيون على أنّ الظاهرة المقبلة في الشهور القادمة هي فرار المقاتلين الأجانب من صفوف "داعش" تحت وطأة مقتل الكثير منهم وتهاوي خطوط التنظيم. وقال الخبير هشام الهاشمي لـCNN إنّ التنظيم فقد الكثير من المناطق التي كان يسيطر عليها وأنه بحاجة إلى إعادة رص صفوفه في العراق وهو ما يوافق عليه أيضا الخبير توربيورن سولتفد الذي نبّه إلى أن "داعش" بات يتبع التكتيكات التقليدية مثل العبوات الناسفة واحتواء مقاتليه في منطقة محددة من دون نقل القوات خشية الغارات الجوية. وفي الآونة الأخيرة، فقد "داعش" السيطرة على عدة قرى في محافظة ديالى آخرها منطقة المقدادية وهو ما دفع مسؤولا عراقيا عسكريا رفيع المستوى إلى التأكيد أنّ كل محافظة ديالى باتت من جديد تحت سيطرة الحكومة. كما أضاف سولتفد أنّ التنظيم بات يعاني بشدة من أجل الحفاظ على خطوط الإمداد والدعم في المنطقة. ومن دون شك تبقى الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، الجائزة الأكبر لجميع الأطراف، برمزيتها لدى التنظيم الذي اتخذها زعيمه أبو بكر البغدادي منطلقا "للخلافة والبيعة" وكذلك من حيث أهميتها الاستراتيجية للأكراد وبغداد على حد سواء. ونجحت قوات البشمرغة في إحراز تقدم شمال وغرب المدينة خلال الشهرين الماضيين وسيطروا على نحو 3000 كلم مربع من سنجار والمنطقة المحيطة بسد الموصل قاطعين جميع طرق الإمداد على داعش من سوريا وإليها. وجنوبا، حققت القوات العراقية مكاسب في بيجي مانعة على التنظيم حرية الحركة. وقال معهد دراسات الحرب إنّ داعش يستعد لحفر خندق يطوّق به مدينة الموصل كما أنه فجّر جسرا حيويا يفضي إلى الناحية الغربية. كما تحدث المعهد عن زيادة في نسق الإعدامات في نينوى بما يشير إلى مواجهته بتمرد داخلي في المناطق التي يسيطر عليها وأيضا لتحذير مقاتليه الذين ينوون الفرار من صفوفه --معهد دراسات الحرب . وحتى في سوريا يبدو الأمر مشابها حيث نقل ضابط أمن نفس الصورة وعاين عمليات إعدام ثم عثر عليه مقتولا هو أيضا لاحقا في يناير/كانون الثاني. وسبق للتقارير أن تحدثت عن هجوم سيتم تنفيذه في يناير/كانون الثاني من أجل استعادة الموصل، لكن المتحدث باسم البنتاغون أبلغ CNN أنه إذا كانت هناك لتنفيذ هجوم فلن يكون ذلك إلا بعد عدة أسابيع، لاسيما أن ذلك سيتطلب تنسيقا استخباراتيا هو الآن بصدد الحدوث وفقا لمحللين. وزيادة على ترجيح مقاومة مسلحة ضد التنظيم داخل المناطق التي يسيطر عليها، فإنّ قيادة "داعش" باتت مشتتة تحت وطأة الغارات والعمليات البرية. والمثال على ذلك إعلان مقتل كل من أبو أنس السامرائي وأبو مسلم التركماني وكلاهما كانا من عتاة قياديي التنظيم. وقال محللون إنّ عددا من كبار قادة التنظيم غادروا إلى ليبيا كما أنّ "داعش" بات لا يحتكم سوى على قلة قليلة من القادة المدربين الأكفاء وهم من بقايا جيش صدام حسين وسيكون من الصعب تعويضهم في حال مصرعهم. وعموما فإنّ المحصلة الآن تشير إلى أن "داعش" ربما خلص إلى أن الحفاظ على المناطق أصعب من انتزاعها وهو ما يفرض على التنظيم أن يدرس بعناية شديدة من هنا فصاعدا أين يضع قواته.