السياسات الطائفية التي تبنتها بعض القوى السياسية والأحزاب العراقية وحركتها أطماع بعض الدول للسيطرة على هذا البلد، كانت وراء تنامي الحركات الإرهابية واتساع دائرة تأثيرها مع توفير البيئة الصالحة لاحتضانها، بل إن تلك القوى والأطماع قدمت التسهيلات والمساعدات لقادة الحركات الإرهابية لتبرير القرارات والإجراءات الهادفة إلى إقصاء بعض فئات وفعاليات المجتمع العراقي. وكانت السياسة الطائفية الكريهة التي رسمها واتبعها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مصدرا ومغذيا لهذا الإرهاب وسببا في الإخلال بالانسجام والتعايش السكاني في العديد من محافظات ومناطق هذا البلد بعد أن نجحت السياسة الإقصائية في زرع الخوف والشكوك بين المواطنين الذين تعايشوا لمئات السنين دون أن يشعروا بما سعت هذه السياسة لبثه في الحياة. وقد أثبتت تلك السياسات خطرها وخطأها ولهذا خرج نوري المالكي من الواجهة ليتحرك العراق ضمن تفاهمات إقليمية ودولية لمواجهة الإرهاب والتخلص من أسباب وجوده. وقد تحققت - حتى الآن - نجاحات ملحوظة، كان آخرها تخليص محافظة ديالي من الإرهابيين، ولكن عودة المالكي للواجهة مرة أخرى من خلال قيادة ما يسمى بالحشد الشعبي ستعيد الكرة للسياسة الطائفية وما يصاحبها من أوضاع لا تدعم جهود محاربة الإرهاب، فهذا الحشد الذي يقوده المالكي لن يكون حشدا شعبيا يمثل أهل العراق كلهم بل سيمثل ميليشيا طائفية تتفق مع أهداف المالكي بكل ما يحمله من أحقاد وكراهية. وعلى الحكومة العراقية، التي تلقى قبول أهل العراق وجيرانه، أن تقف في وجه هذا التحرك ولا تمكن الطائفيين من استغلال محاربة الإرهاب للمضي في تمزيق وحدة البلاد.