عوض الرجوب-الخليل قبل ربع قرن زُج بالنائب الفلسطيني عضو المجلس التشريعي حاتم قفيشة في الاعتقال الإداري للمرة الأولى، ولا زال يخوض التجربة بشكل متقطع، حتى سجل رقما قياسيا من حيث عدد الأشهر التي أمضاها متفرقة في الاعتقال الإداري، فبلغت 141 شهرا في تسعة اعتقالات. ويشكل الاعتقال الإداري مأساة حقيقية لمئات الأسر الفلسطينية التي يُعتقل أبناؤها دون إدانة أو لائحة اتهام. وتتفاوت مدد الاعتقال الإداري، لكن أقصاها ستة شهور في الأمر الواحد، ثم يمدد مرة أو عدة مرات حسب قرار قائد جيش الاحتلال. وبدأ قفيشة مسيرته الاعتقالية عام 1990 حيث أمضى -حسب توثيق مركز أحرار لدراسات الأسرى- في الاعتقال الإداري أربعة أشهر، ثم أبعد عام 1992 إلى مرج الزهور وعاد بعد ثمانية أشهر، ثم أعيد اعتقاله إداريا في الأعوام 94، و96، و2002 و2005 و2007و2010 و2013. وحسب معطيات نادي الأسير الفلسطيني، يقبع اليوم في الاعتقال الإداري بسجون الاحتلال 450 أسيرا، في ما بلغ مجموع الأوامر الإدارية الصادرة خلال العام الماضي قرابة 1140 أمرا، سبعة منها تخص أسرى مقدسيين. عائلة الأسيرقفيشة تشاركفي اعتصام سابق للتضامن مع الأسرى المضربين(الجزيرة) غياب مؤلم وكانت للاعتقالات المتكررة للنائب قفيشة (57 عاما) انعكاساتها على أسرته وعائلته. وتقول زوجته أم أنس إن تكرار اعتقال زوجها حرم الأسرة كثيرا من حقوقها وأثر على نفسية أبنائه ودراستهم في المدرسة والجامعة، وحال دون مشاركته عائلته الأفراح والأحزان على مدى 25 عاما. وتضيف أن للنائب المعتقل أربع بنات وولدين، ولم يحرم فقط من مشاركة بناته جميعا فرحة النجاح في الثانوية العامة ثم التخرجفي الجامعة، بل حفلات خطوبتهن التي تمت بغيابه أيضا، بينما شارك العائلة حفلات زفاف ثلاث منهن حيث تمت خلال فترات الإفراج التي كانت تفصل بين الاعتقال والآخر. وكما غاب عن أفراح العائلة، تؤكد زوجته أنه فتح لوالدته واثنين من أشقائه وإحدى شقيقاته مراسم عزاء داخل معتقله، ولم يسمح له بمشاركة ذويه الأحزان ولو بالهاتف. من جهته، يفيد مدير مركز "أحرار" فؤاد الخفش بأن قفيشة يعتبر صاحب أعلى رقم لفلسطيني اعتقل إداريا، موضحا أن غاية هذا الشكل من الاعتقال هي الانتقام ومحاولة التأثير على نفسية وعزيمة الأسير قفيشة. وأوضح أن الاعتقال الأخير كان قبل نحو عامين، ومُدد بأوامر إدارية عدة مرات دون تحديد سقف زمني للإفراج عنه،وطالب برلمانيي العالم بالتدخل والضغط على الاحتلال للإفراج عنه ووقف سياسة الاعتقال دون تهمة. أبو عطوان: قفيشة سجل الرقم الأعلى من حيث مدة الاعتقال الإداري (الجزيرة) حكم المخابرات وخاض الأسرى الإداريون سلسلة إضرابات عن الطعام بهدف إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، ونجحوا في إضراب عام 2012 في تقليص العدد إلى نحو مائة، ثم عاد الاحتلال ليزيد وتيرة الاعتقال الإداري منذ منتصف 2014. من جهته، يقول مدير هيئة شؤون الأسرى في بيت لحم منقذ أبو عطوان إن الاعتقال الإداري تستخدمه المخابرات الإسرائيلية مستغلة قوانين وأوامر عسكرية طواها الزمن في محاولة لقمع تحركات الفلسطينيين لإنهاء الاحتلال. وأضاف أن قفيشة سجل الرقم الأعلى من حيث مدة الاعتقال الإداري، لكن مسعاه لم يتغير ولم يتوقف لإنهاء الاحتلال، مما يعكس فشل سياسة الاحتلال ومراهنته على النيل من صمود ومساعي الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال. وتُعرّف منظمات حقوقية تعنى بشؤون الأسرى الاعتقال الإداري بأنه اعتقال سلطات الاحتلال شخصا ما بأمر من القادة العسكريين للمناطق المحتلة وبتوصية من المخابرات بعد جمع مواد تصنف بأنها "سرية". ووفق نادي الأسير الفلسطيني،فإن إصدار أوامر الاعتقالات الإدارية كانت تتم بموجب أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي أقرها الانتداب البريطاني عام 1945، وبعد ذلك شرّع الاحتلال أمرا خاصا بالاعتقالات الإدارية جرت عليه عدة تعديلات كان آخرها عام 2007.