< يعلم الكثير من الصحافيين، خصوصاً أولئك الذين التقوا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مدى اهتمامه بالصحافة السعودية فجلسة نقاش واحدة حول ما يدور في عالم الصحافة، تظهر الاطلاع الكبير للملك. «سَمح لي بإجراء نقاش شفاف وجدي، لم يكن عنده موقف مسبق، الرجل الذي أتصوره، رجل يشبه نفسه»، هكذا لخص الإعلامي السعودي علي الظفيري لقاءه الذي وصفه بالودي مع الملك سلمان بن عبدالعزيز في عام 2004، إثر انضمامه لقناة «الجزيرة» القطرية في وقت كانت العلاقات بين البلدين ليست في أحسن حالاتها. يحكي الإعلامي السعودي لـ«الحياة» قصة اللقاء الأول: «لم يكن لقائي بالأمير سلمان آنذاك استدعاءً، بل كان ودياً بهدف التعارف برغبة مني، والدليل على عدم رسمية اللقاء أنه تم في منزله الخاص». إلا أن الملك سلمان -كان أميراً لمنطقة الرياض آنذاك- لم يقسُ عليه بالأسئلة كما يفعل الظفيري مع ضيوفه، إذ بدأ اللقاء معه بداية مطمئنة شجعته أن يتحدث بشفافية مطلقة عن حرية ووضع الإعلام السعودي، ومسألة انتقاله للعمل في القناة القطرية. ويضيف الظفيري: «إن الملك سلمان يعلم الرهبة التي تصيب زائره، فيحاول تبسيط النقاش معي، قائلاً: أنت مثل ابن من أبنائي. فشجعني على أن أتحدث بشفافية كاملة، تبين لي بعدها معرفته الواسعة بالإعلام». كان اللقاء بعد صلاة المغرب واستمر ساعة تنوع فيها الحديث عن سبب انتقال الظفيري للعمل في قناة الجزيرة وعن الإعلام بشكل عام، «لم يكن عنده توجس من الوضع الإعلامي بقدر ما تحدث عن حرية الصحافة والتزامنا بالتوثق من صدق المعلومات». وتبين للظفيري أن الملك سلمان لم يكن كغيره من المسؤولين، إذ كان حديثه ينم عن معرفة عميقة بالواقع وأدق التفاصيل للأحداث الجارية آنذاك، مضيفاً: «بقدر ما لديه رأي حول بعض الأحداث، إلا أن لديه القدرة على أن يستوعب المستجدات، وأن تتشكل لديها رؤية جديدة من خلال كلام الشخص الذي يتحدث معه». وأشار إلى أن الملك تحدث في لقائه به عن العلاقات القطرية السعودية، وقال حينها: «إن أي خلاف بين الدولتين هو خلاف موقت وأن العلاقات مستمرة»، ليؤكد الإعلامي السعودي الشاب أن ما حدث بين البلدين أخيراً أثبت صحة كلامه. وتوقع الظفيري أن تتحرك عجلة النمو بشكل متسارع في حقبة الملك سلمان بن عبدالعزيز نظراً إلى تجربته الإدارية الطويلة والمنضبطة، التي تبين خلالها أنه ممن يعملون بشكل مستمر. ولفت إلى أن اختيارات الملك في المراكز الكبرى في البلد بتعيين الأمير مقرن ولياً للعهد، والأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد، تثبت أنه صاحب رؤية، مضيفاً: «آمالنا كبيرة في هذا العهد، الملك سلمان يتمتع بصفات شخصية قل ما يتمتع فيها الكثير من الناس».ويقول الكاتب الصحافي جمال خاشقجي لـ«الحياة»: «الصحافة في المملكة تحتاج إلى أمرين، الحرية والحق في الحصول على المعلومات»، متوقعاً نهضة في هذا المجال، بناءً على ما لمسه من الملك سلمان خلال الفترة الماضية، من اهتمام بالإعـــلام والإعلاميين، ومتابعته الجيدة للصــحف والأخبار، مشيراً إلى أنه ـكان يتلقى اتصالات منه شخصياً أو من مسؤول الإعلام في إدارته لتوضيح الأخبار أو تصحيحها. ويروي خاشقجي قصة إحدى مكالماته مع الملك سلمان، فيقول: «انتهيت من مقابلة مع الزميل سليــمان الهتلان الذي استضافني في برنامجه على قناة «الحرة» «حديث الخليج»، الذي تحــدثت فـــيه عن أعمـــال المملكة في أفغانستان، الذي وصفته آنـذاك بالفعل الصحيح ديناً وأخلاقاً وخدمة لمصالحها الاستراتيجية أيضاً، ولم أكد أنتهي من لقائي إلا ويأتيني اتصال الأمير سلمان – آنذاك - الـــذي أثنى على ما قلت، ونلت منه شرحاً قيماً».