ثلاثة أحداث مصرية في وقت واحد تؤكد أن مصر بدأت بالفعل استعادة مكانتها وحجمها وأهميتها وموقعها الطبيعي الذي يليق بتأريخها وشعبها. أولها الإصرار على الاحتفال بذكرى نصر 6 أكتوبر رغم محاولات الإخلال بالأمن وتعكيره، وأن يكون الاحتفال هذا العام استثنائيا باستلهامه قوة مصر وعروبتها واستحضار زعاماتها وأبطالها وقادتها في شكل ناصع من أشكال الوفاء والإنصاف بغض النظر عن أي اعتبارات مختلف حولها سوى أنهم قدموا لمصر شيئا. الحدث الثاني كان الحوار الأول للرئيس المؤقت عدلي منصور في صحيقة الشرق الأوسط الذي كان حوارا مع رجل دولة حقيقي يمثل الشخصية المناسبة للحديث باسم مصر في الظروف الحساسة التي تمر بها. لقد تحدث الرئيس منصور عن قضايا كثيرة وحساسة، داخلية وخارجية، وحدد سياسة مصر تجاهها بوضوح وحزم، ولكن أيضا بهدوء ووعي وحصافة. أما الحدث الثالث فهو زيارته الخارجية الأولى التي قرر أن تكون المملكة محطتها ليؤكد أن مصر الأخلاق والمروءة تبادل الوفاء بمثله، وأنها تعرف جيدا من يريدون لها الخير بصدق وإخلاص، وقادرة على التمييز بين المواقف الأصيلة، والمواقف المتلونة. لقد حاقت بمصر في الفترة السابقة أخطار كبيرة بفعل رعونة أداء من حكموها، فقد شرخوا مجتمعها وقوضوا اقتصادها وهدموا مؤسساتها واستباحوا أمنها، بل تمادوا ووصلوا حد الاستعداد للتهاون في ترابها، وظنوا أنهم قادرون على الاستمرار في ذلك المشروع التخريبي الذي لم تشهد مصر مثيلا له في أسوأ فترات تأريخها، لكن الشعب المصري الذي يعرف معنى الوطن وفضيلة الانتماء له والحفاظ عليه قرر أن يضع حدا لتلك المهزلة؛ وذلك العبث فقال:لا، وأزاح الطفيليات عن تأريخه، واستعاد الحلم الذي حاولت تلويثه ومصادرته. وكما عانت مصر من داخلها فقد عانت من خارجها بسبب المناخ القابل للمزايدات الذي هيأته تلك الفترة الكئيبة، فواجهت ضغوطا واستفزازات لئيمة لكنها صمدت وقررت بشكل لا يقبل المساومة أن قرارها بيدها وحدها، وأن سيادتها خط أحمر يجب عدم الاقتراب منه. الذين ابتسموا في وجه مصر حال تعبها وظنتهم يواسون تعبها والذين لوحوا لها بالعون وظنتهم يؤازرونها في محنتها، عرفت حقيقتهم عندما زالت الغمة وتسلم مقدراتها أبناؤها الحقيقيون الأوفياء، وعرفت أضدادهم الذين تأكدت أنهم يتعاملون معها بنبل وشهامة من أجلها هي، لا من أجل أجندات ومخططات تحاك في السر. حتما ستنهض مصر من كبوتها وتتعافى من أوجاعها لأنها أكبر وأقوى مما يظن الواهمون. أهلا بمصر العظيمة بيننا..