أتعجب من بعض الأمهات اللاتي لا يواجهن أبناءهن بحقائق مهمة تتعلق بحياتهم وشخصياتهم، بل وترسم الواحدة منهن حدودا في العلاقة التي تربطها بابنها، خاصة حين يتجاوز الشاب الثامنة والعشرين! فتطلب ما تريد على استحياء، وتتعامل معه كضيف تسعى لراحته، وتنتظر زواجه ثم رحيله على مضض! أما حين يقوم الفتى بتقديم هدية لها أو القيام بواجب ما نحوها، فإنها تكاد تحلق من فرط السعادة ولا تلبث أن تتباهى بما فعل أمام صديقاتها بشكل مبالغ فيه وكأنه قام بأمر لا يعتبر واجبا! فأصبحت هي من تستجدي العطف وتبحث عن الرضا وليس هو! أما حين يتعلق الأمر بزواجه فلا عجب أن تضرب على صدرها باعتزاز وهي تقول: «عروستك عندي!» فهي ترى أن ابنها «عريس لقطة» لا يفوت، وبأن الحظ فقط هو ما سيجمع أي فتاة به، رغم أنها قد تجهل معنى أن يكون كذلك! فهي وللأسف ما زالت تؤمن بأن الرجل لا يعيبه سوى جيبه! وأن أي عيبٍ آخر من الممكن التغاضي عنه! فليس مهما برأيها أن ينهي دراسته أو أن يمارس الرياضة أو أن يتعلم التعامل بلباقة طالما أنه يستطيع أن يطير بزوجته إلى جزر المالديف أو موريشيوس في عطلة نهاية الأسبوع، أو إلى متاحف برمنجهام حين يتعكر مزاجه! وليس مهما أن يتعلم كيفية التحكم في أعصابه وألفاظه حين يغضب طالما أنه يستطيع التكفل بعلاج الآثار النفسية والجسدية لذلك في أفخم المستشفيات محليا ودوليا! وليس مهما ما تريده الفتاة وما تحتاجه من زوجها من مودة ودلال وكلمة طيبة، طالما أنه يحصل على كل ما يريد وحين يريد! وليس مهما أن يكون حاضرا بحبه في حياة أبنائه اليومية طالما أنهم يدرسون في أغلى المدارس ويزاملون أغنياء المنطقة! لكن عزيزتي الأم، يسعدني أن أقول بصوت جهور يسمعه من يسكن القارة القطبية الشمالية، إنك مخطئة! نعم، لقد أخطأتِ حين ظننتِ أن تلك الحدود الباردة التي رسمتها بينك وبين فلذة كبدك ستصنع منه رجلا! وبأنك حين تزرعين بداخله ضعفك وقلة حيلتك فستحصدين شخصية قوية! وبأن وفرة المال قد تغني عن الحب والمبادىء والأخلاق! لذا راجعي حساباتك، وحاولي إصلاح ما يمكن إصلاحه! ففتى اليوم هو رجل الغد وأب المستقبل وكهله! وعلى فكرة، العريس «اللقطة» لم يعد اليوم حلم الفتيات.