فجعنا كما فُجع الآخرون بفقد الملك عبدالله بن عبدالعزيز تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته. فُجعنا بمن قاد دفة البلاد سنوات عديدة وجعلها تقف في مصاف الدول المتقدمة. فُجعنا برجل المبادرات الداخلية والخارجية التي حطّمت الحواجز ورسمت نهجا جديدا سارت عليه المملكة في يسر وأمان. فَقْدُنا للملك عبدالله ليس بالأمر اليسير ولكنه قدر الله وما شاء فعل. لا يمكن لنا في مقالة قصيرة أن نختزل مسيرة قائد، ولا يمكننا أن نُسطّر فيها كما هائلا من الإنجازات. الملك عبدالله كان رمزا ونجما ساطعا في سماء الدبلوماسية العربية والدولية؛ قرّب المسافات بين المتخالفين، ورأب الصدع بين المتنازعين، ووفر العيش الرغد للمواطنين. توسعة الحرمين وحوار أتباع الأديان والحضارات ومشاريع القطارات والمشاعر والإسكان وغيرها ستبقى شواهد على إنجازات كان وراءها الملك عبدالله رحمه الله رحمة واسعة. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لم يكن عن أخيه الفقيد ببعيد، كان يقف بجواره ويعاضده في كل خطوة يخطوها. كانا يمثلان النموذج الفريد في التناغم والمشاركة في تحمل المسؤوليات في سبيل رفعة هذه البلاد ورغد وسعادة ابنائها. مملكتنا، ولله الحمد، وعبر مسيرة ملوكها السابقين رسمت منهجا فريدا في سياسة الحكم والانتقال السلس الهادئ من قائد لآخر. الملك سلمان، حفظه الله وأمد في عمره، لم يدع أي مجال لإثارة شكوك أو تكهنات في استمرارية سياسة إدارة الحكم في هذه البلاد، وخلال ساعات رسم أهم الخطوات عندما عين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وليا لولي العهد ونائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى منصبه وزيرا للداخلية. كلنا يعرف كم أثار الحاقدون وراهنوا على أن المملكة مقبلة على أوضاع غير مستقرة في قيادة البلاد، وذهبوا إلى أبعد من ذلك بالتكهن أن خلافات وصراعات ستنشأ بين أفراد الأسرة الحاكمة وستؤدي بالبلاد إلى مستقبل مظلم يهدد بناءها وسياستها. حمدا لك يا رب فقد بُهت الحاقدون وتكسرت أمواجهم على أوامر الملك سلمان بن عبدالعزيز، في حين تحدث المنصفون عن سابقة فريدة من نوعها في إدارة شؤون البلاد وتولي قيادته. لا يمكن لنا أن نتصور كِبَر وعِظم هذه الخطوة إلا بالنظر إلى ما يحيط بنا من صراعات في كثير من الدول التي تعاني من انتقال السلطة ويصل الأمر إلى الثورات وحمل السلاح وسقوط العديد من الضحايا الأبرياء. شكرا لله والشكر موصول لقائدنا سلمان بن عبدالعزيز الذي كلنا ثقة في أنه سيقود دفة هذه البلاد إلى شاطئ الأمان. كيف لا وهو القائد المتمرس الذي توفرت لديه تجارب وخبرات من خلال مناصب عدة تقلدها وحقق فيها من الانجازات الكثير. ثق يا خادم الحرمين أن أبناء شعبك سيكونون لك سندا ودعما بعد الله في تحقيق كل ما تصبو إليه من رفعة ورقي لهذه البلاد وشعبها الوفي.