انتقل إلى رحمة الله تعالى الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد وعكة شديدة دامت معه في المستشفى لمدة تجاوزت الـ3 أسابيع، واستقبل الشعب السعودي هذا الخبر بموجات من الحزن الشديد التي فجرت موجات من مشاعر الوطنية والحب الصادق بحق ملك طيب ونبيل. خرجت المشاعر بشكل صادق وتلقائي معبرة حقيقة عن حب عميق يكنه السعوديون لملك عرفوه وعاشروه وأصبح جزءا من حياتهم وأشبه برب الأسرة بالنسبة لهم. سيترك الملك عبد الله السيرة الطيبة بين شعبه، فهو ملك عرف عنه صدق النية والرغبة الحقيقية في الإصلاح.. ملك أقدم على التطرق لملفات لم يسبقه إليها أحد مثل الإصلاح القضائي والانتخابات البلدية وتطوير مجلس الشورى وتمكين المرأة من حقوقها ومواجهة الخطاب الديني المتطرف والحرب على الإرهاب وأهم مسيرة ابتعاث تعليمي جامعي في التاريخ، وغير ذلك من المبادرات السياسية الهائلة للإصلاح بين الشعوب العربية والحوار بين أتباع الأديان وطبعا المبادرة التاريخية الكبرى في الداخل التي عرفت باسم «الحوار الوطني» وجلساته المتعددة. جاء انتقال السلطة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سلسا إلى أبعد الحدود؛ فلم يتخط وقت الوفاة حتى إعلان الملك الجديد أكثر من 75 دقيقة ثم تلا ذلك الإعلان عن ولي العهد الأمير مقرن، وما هي إلا ساعات وصدرت سلسلة من القرارات الملكية كان من أهمها تسمية الأمير محمد بن نايف وليا لولي للعهد ونائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية، وتسمية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع ورئيسا للديوان الملكي. وكان لسلاسة وبساطة الإعلان والانتقال للسلطة شهادة حق واضحة على الاستقرار السياسي الذي تنعم به السعودية ودحض صريح لكل التكهنات والتنجيمات والأخبار والتغريدات والإثارة التي كانت تثار حول «تحديات» تواجه «الانتقال السلمي للسلطة»، وأثبت السعوديون أن الاستقرار السياسي هو أهم مكتسباتهم التي يجب أن يحافظوا عليها. هناك حالة من الاطمئنان والحزن والأمل في السعودية هذه اللحظات.. اطمئنان على متانة النظام السياسي الذي وافق على الانتقال السياسي السلس ضد كل التكهنات والحزن على فقدان قامة عظيمة مثل الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمل في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي يأتي بعد سجل حافل من الإدارة والاطلاع مكنه ليكون عبر هذه السنوات الماضية أحد أعمدة الحكم السعودي بامتياز. رحم الله الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمة واسعة وأسكنه الجنة وألهم الشعب السعودي ومحبيه الصبر والسلوان، ووفق الله الملك سلمان بن عبد العزيز ملكا على البلاد ومن معه. الحزن كبير ولكن الأمل أكبر، الفقدان كبير ولكن يبقى الأمل دوما أكبر. رحم الله من رحل عنا ووفق الله من اختاره ملكا للبلاد.