الرياض: عبد الإله الشديد زادت بنسب ملحوظة عمليات تشييد وبيع المباني التجارية السكنية على حركة القطاع العقاري السعودي كلها؛ حيث نشط الإقبال على هذه النوعية من العقارات، في الوقت الذي تعيش فيه الأسواق المحلية حالة جمود في الحركة العامة للسوق في شتى أفرعها التجارية، حسب تأكيدات مستثمرين عقاريين مختصين وصفوا الحركة العامة لأداء القطاع الاقتصادي الأكثر جدلا بالضعيفة، بانتظار تنفيذ القرارات الحكومية التي غذت الهبوط الذي بدأ يضرب القطاع في الأعوام الخمسة الأخيرة، التي صاحبتها ارتفاعات متواصلة شملت القطاع بشكل عام. ويلاحظ في الأحياء الجديدة انتشار كبير في أعداد المباني التجارية السكنية؛ مما يعكس خارطة الرياض الجديدة التي بدأت تعتمد بشكل كبير على هذه النوعية من المباني التي تدر أرباحا طائلة على مستثمريها، خصوصا تلك الواقعة في الشوارع الرئيسة، وبالتحديد التي تتمتع بوجود محال تجارية أسفل العمارة، في الوقت الذي شهدت فيه أسعار إيجار تلك المحال التجارية ارتفاعا هائلا في قيمتها، وقدر عدد من العاملين في السوق العقارية أن الشراء بقصد الاستثمار وليس السكن هو الأكثر شيوعا، في ظل شبه توقف الأفرع العقارية الأخرى. وقال ياسر المريشد المستثمر العقاري: «إن انتشار المباني التجارية والسكنية بشكل كبير، خصوصا في الأحياء الجديدة ينعكس بشكل سلبي على تضييق السكان المحليين على أنفسهم عند اختيارهم السكن؛ إذ يعني أن الاعتماد المقبل في الإسكان سيكون على الشقق التي توفرها هذه البنايات، والتي أصبحت منتشرة بشكل ملحوظ؛ مما يعني تغييرا في ثقافة المواطن، الذي كان لا يقبل السكن إلا في الفلل والأدوار، إلى الرضوخ وقبول الإقامة في الشقق، خصوصا المتزوجين حديثا». وحول قدم الاستثمار في هذه النوعية من البنايات، وأن الأمر ليس حديث عهد، نفى المريشد أن يكون التسابق على إقامة العمائر التجارية السكنية هو نفسه قبل أعوام عدة؛ حيث إنها تضاعفت خلال السنوات الثلاث الماضية إلى ما يزيد على أربعة أضعاف ما كانت عليه، لافتا إلى أن الركود في بيع المنازل وقطع الأراضي دفع المستثمرين إلى الترويج لهذه النوعية من البنايات، خصوصا في الأحياء الجديدة شمال الرياض، التي تشطب بشكل راقٍ، ويعمد المستثمرون إلى وجودها على شوارع عامة؛ من أجل تأجيرها بأسعار مرتفعة. وتعرف السوق السعودية في الفترة الأخيرة بأنها تعيش تكهنات واسعة وسيناريوهات متضاربة، عن مستقبل القطاع العقاري، خصوصا في ظل تصاعد الأسعار وإقرار الدولة عددا من القرارات التاريخية، إلا أن الغموض ما زال يسيطر على المشهد العام؛ إذ ينتظر العاملون في القطاع العقاري ما ستكشفه الأيام المقبلة، حيث انتشرت أنباء مختلفة عن انخفاض وشيك للأسعار، نظرا لتجاوز الأسعار القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع في ترجمة حلمهم إلى واقع تملك المساكن. وفي شأن ذي صلة أبان بدر التميمي، المدير التنفيذي لشركة «تميم القابضة» أن الإعلانات الحكومية عن المشاريع التي لم ترَ النور حتى هذه اللحظة، دفعت المنازل والأراضي إلى الركود، مع الإبقاء على الأسعار مرتفعة، وبقيت سوق البنايات التجارية ثابتة إلى حد كبير، وتشهد حركة كبيرة في المبيعات، خصوصا الجديدة منها، والتي تحتوي على محال واسعة، يستطيع التجار تحويلها إلى معارض تجارية، مبينا أن ارتفاعا كبيرا ضرب أسعار تأجير المحال؛ الأمر الذي دفع التجار إلى بناء المساكن فوق المحال التجارية؛ لضمان تحقيق الأرباح وتغطية الخسائر الأخرى. وأضاف: «بقيت أسعار الشقق الاستثمارية صامدة على الرغم من كل الظروف والانخفاضات التي ضربت جميع الأفرع العقارية؛ إذ إن حركتها ثقيلة نوعا ما في الارتفاع أو الهبوط على حد سواء، ولم تسجل انخفاضا يُذكر، خصوصا أنها تعد خيارا ذا دخل ممتاز لأصحاب الفرص الاستثمارية الباحثين عن الثراء السريع». مبينا أن تزايد أعداد هذه البنايات لم يؤثر إطلاقا في وضع الأسعار؛ بل إن حاجة السوق في تزايد مستمر، وتدفع بدورها القيمة العامة إلى الارتفاع أو التوقف عند حد معين في أسوأ الأحوال. يشار إلى أن السعودية موعودة بعهد جديد من فرص التملك والبناء؛ مما أهلها لاحتلال مكانة متقدمة بين الدول من حيث تزايد المشاريع العقارية الإنشائية، خصوصا أن الحكومة تسعى جاهدة إلى تسهيل عملية تملك المواطنين المساكن؛ مما ينبئ بمشاريع إضافية ضخمة وطفرة عمرانية مرتقبة ستعيد إلى السوق توازنها وتضعها في وضعها الطبيعي. وفي الشأن نفسه أوضح إبراهيم العبيد المستشار العقاري، أن سيطرة البنايات السكنية التجارية على القطاع ليست أمرا جديدا، خصوصا أن معظم ملاكها من الشركات الاستثمارية أو الأفراد المستثمرين، الذين عدون لبناء المنشآت الكبرى، ومن ثم تأجيرها للمستفيدين أمرا في غاية الأهمية من ناحية تحقيق العوائد. مضيفا أنه كلما ازدادت أحوال العقار سوءا اشتد الإقبال على هذه النوعية من البنايات، شارحا بأنه في حال ارتفاع الأسعار لن يستطيع المستهلكون الشراء، وبالتالي يضطرون إلى اللجوء إلى مثل هذه النوعيات في تملكها أو استئجارها. يُذكر أن الحكومة السعودية أقرت الكثير من القرارات المصيرية التي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر في أسعار السوق العقارية، آخرها القرار الشهير «أرض وقرض»، الذي جعل قطاع العقار في حالة تأهب لما سيحدثه القرار على أرض الواقع؛ مما يوضح أن الحكومة المحلية تسعى جاهدة إلى السيطرة على مشكلة الإسكان، التي تعد من أولويات المواطنين الذين يعيش أكثر من نصفهم في منازل مؤجرة، ويشكل ذلك مشكلة أزلية لديهم.