الشارقة تنبض موسيقى، المسارح والطرقات والواجهات المائية تزينت بأنغام وإيقاعات كونية، من الفلامينغو إلى القدود الحلبية والدبكة اللبنانية، كل ذلك في مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية الثاني (16-25 يناير). المهرجان الذي انطلق في المدينة الإماراتية الأنيقة، ضم عدداً من الأمسيات الموسيقية التي بلا شك تعبر عن مزاج المدينة التي عرفت مبكراً بحرصها واهتمامها الثقافي الرصين، فمن حفلة كاظم الساهر في افتتاح المهرجان إلى سفير العود صدق جعفر مروراً بحفلات ستقام لماجدة الرومي وأميمة الخليل ولينا شامميان؛ تخلل هذه الليالي، أمسيات ذهبت بالموسيقى إلى الناس، كما في واجهة المجاز المائية، عندما قدمت فرقة فرات قدوري، مجموعة أغنيات فلكلورية وشعبية عربية، وسط تفاعل الجمهور الإماراتي والعربي في الشارقة. أما في مسرح القصباء فلم تمنع الرياح القوية والأمطار المستمرة توافد الجمهور إلى قلب الشارقة لحضور حفلة فرقة عازف العود صادق جعفر والذي قدم عدداً من المقطوعات الخاصة به برفقة سبعة عازفين شكلوا مع آلة عود جعفر تختاً كونياً ضم الكونترباص والبيانو والجيتار إلى جوار الإيقاع والرق والكولا (ناي) والذي عزف به الفنان إبراهيم كولا أحد أشهر عازفي الكولا في مصر منذ مشاركته في فرقة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب. وبرع صادق جعفر بتقديم مقطوعات من ألبومه (ليالي العود العربية)، شاداً الجمهور إلى آخر دقيقة من الحفل الذي لقي تفاعلاً استثنائياً مع الفنان العراقي. كما قدم صادق جعفر عدداً من الأغنيات الفلكلورية العراقية مثل (طالعة من بيت أوبها) و(حيك بابا حيك) مقدماً جرعة عالية من الإبهار، أدهش الجمهور إلى جانب مقطوعاته التي تعد بمثابة نبش في الروح الشرقية لاستظهار ألحان يشعر المتلقي بألفة معها إلا أنه يستحيل أن يجزم بأنه سمعها من قبل أن تُعزف بأنامل الفنان العراقي صادق جعفر. قصة أخرى من قصص ليالي الموسيقى في الشارقة، مع ثلاث فتيات، اجتمعن على عشق الموسيقى العربية، ليشكلن فرقة موسيقية ثلاثية تحت مسمى "كانيلا" بعضواتها الثلاث: عازفة القيثارة البلغارية ليديا ستانكولوفا، وعازفة الناي الكوبية مالينا إفيلا، وعازفة التشيلو الأرجنتينية كلارا أسوجي. وقد استطاعت الفرقة أن تبهر الجمهور وهي تعزف على آلات غربية أجمل الألحان العربية من موسيقى فيروز الرحبانية إلى بليغ حمدي وروائع أم كلثوم، إلا أن الألحان الخليجية كانت غائبة تماماً عن الحفلة، وهو غياب مبرر، على اعتبار أن الأغنية الخليجية، لم تهتم بالموسيقى كما فعلت الأغنية العربية، بل استسلمت للشعر والكلام على حساب المزيكاً وهو ربما يكون من أسباب محدودية انتشار الأغنية الخليجية عالمياً، وبالتالي لعازفات فرقة كانيلا؛ أياً يكن السبب، فإن ما تقدمه الشارقة في حفلاتها الموسيقية، وثبة جديدة بل وضرورية باتجاه ثقافة حب الحياة، ونشر قيم الجمال.