علينا أن نكون منصفين بشأن معرض «توطين» الذي تم تنظيم نسخته السابعة، وما إذا كان مهماً ومؤثراً في توطين الوظائف، وخفض معدل بطالة السعوديين والسعوديات، وما إذا كان هذا المعرض الذي يُنظم كل فترة، يُنظم لأجل توطين الوظائف فعلا، أم لأجل خدمة الشركات المشاركة في هذا المعرض، أم للهدفين معاً؟ من الطبيعي أن يكون تنظيم هذا المعرض للهدف الأخير، وهو خدمة الطرفين معاً، المواطن الباحث عن عمل، والشركة الباحثة عن كفاءات مناسبة، ليصبح هذا المكان مثمراً لعقود مستقبلية لعدد من الشباب والشابات، ولكن يبقى السؤال لماذا لم يحضر سوى نحو ثلاثة آلاف زائر في اليوم الأول، من أصل يومين فقط، هما مدة المعرض؟ في حين أن أعداد العاطلين تلامس سقف المليوني مواطن ومواطنة، وبما أن العاصمة تحتضن سدس سكان المملكة، فهذا يعني أن فيها ما يقارب ثلاثمائة ألف مواطنة ومواطن عاطل عن العمل... فحضور ما نسبته واحد بالمائة من العاطلين، يشير إلى عدم ثقة هؤلاء بمعرض «توطين»، وبمعنى أكثر عمومية، عدم ثقتهم بجدية هذه الشركات المشاركة في المعرض! سألت عددا من الشباب الخريجين الجدد، من الجامعات السعودية، ممن زاروا المعرض، لتقديم سيرهم الذاتية، عن مستوى العروض المقدمة من قبل الشركات، ففوجئت أن الرواتب المقدمة للجامعيين الجدد تتراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ريال، وقد تزداد إلى خمسة آلاف ريال للوظائف الهندسية، وهذا يثير علامة استفهام كبيرة للغاية، فبدلا من تخفيض ساعات العمل، أو أيام العمل، لماذا لا تقدم الشركات مرتبات محترمة، إذا كانت جادة في استقطاب الكفاءات السعودية. متى تدرك وزارة العمل، والقائمون على توظيف السعوديين، أن نسبة كبيرة من هؤلاء هم ممن يحمل شهادات جامعية وعليا، وأن نسبة كبيرة جداً من العاطلين عن العمل، هن من السعوديات العاطلات! فكرة هذا المعرض رائعة، ورائدة، ورغم عمره القصير، حيث انطلقت دورته الأولى في الرياض عام 2012 ويقام أكثر من مرة سنوياً، ألا أنه قد يتطور خلال السنوات المقبلة، ويحقق الهدف الذي أقيم من أجله، شرط أن تبذل وزارة العمل جهداً مناسباً في مراجعة قوائم الوظائف المتوافرة لدى الشركات، والرواتب والمزايا المقدمة، من أجل جعل هذا المعرض أكثر جدوى! على وزارة العمل، والجهات ذات العلاقة، العمل الحقيقي والجاد على توطين الوظائف، سواء عن طريق هذا المعرض، أو غيره، كي يكون توطينا حقيقيا، لا ضخ تأشيرات عمل تصل المليون وأكثر، لتسهم بتهجير الوظائف!