كان ينقص الإعلامية ريهام سعيد صاحبة برنامج «صبايا الخير» التلفزيوني أن تستدعيها النيابة العامة المصرية بسبب «تفاعلات» حلقة الفتيات الممسوسات نهاية العام المنصرم. في القضية أن طبيباً نفسياً ادعى عليها أخيراً بتهمة النصب والاحتيال، اذ كان من المفترض أن يعالج الفتيات الخمس بعد الاتفاق معه، والتفرغ لهذه المهمة، لكنها فاجأته باستدعاء عضو برلماني سابق ليقوم بالمهمة ذاتها على الهواء مباشرة. الخبر قد يغدو عادياً في سياق أخبار الحوادث المتفرقة التي تكاد تغص بها الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، لكنه من الأكيد يعيد تسليط الضوء على مسيرة هذه الاعلامية المثيرة للجدل في حدود تخبطها منذ أن بدأت رحلتها التلفزيونية في هذه النوعية من البرامج. حلقة «الممسوسات الخمس» التي أثارت جدلاً خطيراً في المجتمع المصري ليس وقته الآن، فيما «أم الدنيا» تترنح تحت تأثيرات اقتصادية واجتماعية وحتى أمنية، اذ بدت الحلقة المشار اليها على عكس البرامج الاستقصائية التي تظهر على بعض المحطات التلفزيونية الغربية والأميركية خصوصاً، خالية من المعلومات الدينية والنفسية الموثقة. بل بدت ريهام سعيد أنها لا تكلف نفسها في البحث والاستقصاء عن معلومات بهذا الخصوص، والكتب والمصادر الفلسفية والنفسية تكاد تملأ كل مواقع البحث والمكتبات. الموضوع خطر ليس بسبب إثارته الآن. هو خطر لأن سعيد لا تبدو في وضعية تؤهلها للخوض فيه، وكل ما أرادته على الهواء هو الاثارة، وربما التشفي بـ «ضحاياها» من طريق اثارة الغرائز والتهويل والتسطيح الذي ساقته في الحلقة المذكورة. ليس هنا مجال متابعة مسيرة سعيد على فضائية «النهار». فمنذ أن ظهرت وأعلنت «أبوة» الرئيس المخلوع حسني مبارك للمجتمع المصري، حتى لحظة ارتدائها الحجاب لتلتقي شيخاً متشدداً سجنه مبارك نحو ثلاثة عقود تقريباً، وإعلانها أنها «أخطأت»، وهي تثير بلبلة من حولها. الجديد الآن أن سعيد لا توقف تخبطها حتى يستعيد جمهور برنامجها في المساكن الشعبية أنفاسه وهو يتابعها في الاستعراض السطحي الجديد الذي تقوم عليه حكايتها مع الممسوسات، فهي وان حاولت أن تستعين بأقوال للشيخ الشعراوي الا أنها أخفقت تماماً في توظيف أي منها في سياق ديني أو معرفي. ولا يغدو مفيداً التذكير بالكتب التي تحكي عن «الهستيريا التحويلية» التي تصيب بعض الإناث في أعمار معينة من حياتهن، كما يفيد بعض علماء النفس. بالتأكيد هذا لن يجدي، فحتى ريهام سعيد صاحبة البرنامج لم تكن متأكدة من هذا النوع من الأمراض النفسية، واكتفت بتقديمه بتأتأة واضحة باسم هستيريا متحولة. اليوم مع اشتداد النقاش من حول الممسوسات وصاحبتهن، تبدو الأوضاع مقلقة، بخاصة أن جزءاً كبيراً من متابعيها يدخلون تلقائياً معها في نفق أسود لانهاية له، يطلقون عليه تحبباً في بعض الأحيان: هستيريا.