×
محافظة الرياض

السعودية ترحب بإعادة طرح مشروع {إنهاء الاحتلال} وتتمسك بـ {المبادرة العربية}

صورة الخبر

"الوقت والهدوء هما أثمن الأشياء في هذا الزمان" توم فورد.. في مرحلة التدريب يطير الطيّار مع طيّار أقدم منه ليتعلم منه بعض الأمور، وذات مرة سألت عن الفترة الزمنية المتبقية لإجراء أمر معين قبل الهبوط فقال زميلي: دقيقتان، فقلت فقط؟، قال: two minutes is plenty of time!، أي أن دقيقتين كافية جداً لإنهاء ما كنا نريد أن نفعله للطائرة، وهاتان الدقيقتان قد تمضي على شخص يمضغ العلك ويلهو بهاتفه "الذكي" كلمح البصر.. لكن، ما هو الزمن وما هو الوقت؟! الزمن سر إلهي، ويكفي أن نعرف أن عمر الأرض 4.5 بليون سنة! وفي القرآن الكريم: (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ). لمّا احتار البشر في الزمن قسّموه إلى وحدات زمنية اتفق عليها. يصف الروائي الفاسي "عبداللطيف اللعبي" الوقت في السجن بأنه أطول من غيره، وأنه غير موزع على شكل ساعات ودقائق بل وكأنه موزع في صورة أزمنة: زمن اجتماعي زمن ثقافي وهكذا. إنه إحساس مختلف.. ينقضي من خلال قطع من الانفعالات والأحلام والحوار الأخوي الإنساني. معظم الأمراض العارضة والجروح السطحية تذهب وحدها مع مرور الوقت، ووحده الزمن كفيل بمحو معظم آلام الإنسان، إلا الجروح النفسية العميقة، فهي ترقد كامنة حتى يوقظها الوخز. لكن هل نستطيع شراء الوقت؟! سمعتُ تاجراً يقول لابنه في أحد المسلسلات: "مفيش وقت عندنا، احنا لو الوقت بيتباع بالدهب في السوق لاشتريناه!". الإجابة لا و.. نعم، فرجل الأعمال في نيويورك مثلاً ليتفادى زحمة السير فإنه يركب طائرة مروحية ويدفع ١٠٠ ضعف لثمن سيارة الأجرة ليُوفِّر 40 دقيقة، فهو كمن اشترى تلك الدقائق بالمال. ويقول المستغرب الياباني نوبو آكي نوتوهارا الذي عاش في بلاد العرب أربعة عقود، عن بدو الصحراء: "من تجربتي في البادية عرفت معاناة الضجر والملل. وعرفت مرارة مرور الوقت الفارغ إلا من الجلوس والانتظار. البدو عندهم وعيّ خاص بهم لمجرى الوقت، إنه مفهوم مختلف عن الساعة اليوم الأسبوع وهكذا. إنهم يعيشون في ديمومة وقتهم الخاص، حيث تنمو الأعشاب وترعى الأغنام. عندما يقيم مدني مع البدو وهو يحمل معه وعيه للزمن، فإنه سيجد نفسه قلقاً، وسيتضاعف قلقه مع مرور الوقت. البدوي يرتشف القهوة أو الشاي ويتمتع بالحديث دون أن يشعر مثلنا بالقلق بسبب مرور الوقت البطيء، ولكن الغريب بالنسبة لي هو أن البدوي يعيش كل يوم كيوم جديد، فهنا في الصحراء يسقط تقسيم الزمن إلى ماضٍ، حاضر، ومستقبل، ويصبح الزمن امتداداً واتصالاً على شكل دائرة، حيث تتعايش الأسطورة مع الواقع". انتهى كلامه. وعندما تعددت الخيارات في زمن العولمة من وسائل مواصلات، قربت المسافات ووسائل اتصال وتقنية وترفيه، لم يعد هناك وقت يكفي إنسان المدينة، فتسارع زمانه دون أن يشعر وأصبحنا نسمع كلمات في نهاية العام مثل: كيف حصل هذا بسرعة! إذن فنحن نُقارب الزمن بالانشغال ونباعده بالفراغ، ولعل هذا هو المقصود بتقارب الزمن في أواخر الدنيا. قيل أن رجلاً قال للعالم آينشتاين أنه لم يفهم النظرية النسبية لشدة تعقيدها، فقال له آينشتاين: "لو أمضيت دقيقتين في بردٍ قارس فستمضي عليك كأنها ساعة، بينما لو أمضيتها بصحبة امرأة جميلة فإنها ستمر كلحظة!".