من طارق عمارة وكارين ستروكر تونس/لندن (رويترز) - بعد أربع سنوات من إيقادها شرارة انتفاضات الربيع العربي أصبحت تونس محط الأنظار كقصة نجاح إقليمية نادرة لكن فرصها تظل معلقة بتعميق الإصلاحات وجذب الاستثمار الأجنبي. ونال البلد البالغ عدد سكانه عشرة ملايين نسمة نصيبه من القلاقل السياسية والاقتصادية بعد ثورات 2011 التي اجتاحت أجزاء كبيرة من المغرب العربي والشرق الأوسط وأطاحت بعدة زعماء أمضوا فترات طويلة في سدة الحكم بمن فيهم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي غادر البلاد قبل أربع سنوات. لكن الانتخابات الديمقراطية التي جرت في تونس العام الماضي وصعود سوق الأسهم يقفان على النقيض من الاضطرابات الدامية في ليبيا المجاورة والقلاقل في مصر. بل إن تونس بدأت اجتماعات مع المستثمرين بشأن إصدار سندات دولية ستكون الأولى لها بدون ضمانات أمريكية إثر الربيع العربي. وفي حين ستكون السندات اختبارا مهما لشهية المستثمرين فإن سوق الأسهم التونسية تقطف بالفعل ثمار الاستقرار السياسي. فقد ارتفع المؤشر التونسي أكثر من 16 بالمئة في 2014 وهو أقل عشرة بالمئة فحسب من المستويات القياسية المرتفعة لما قبل الربيع العربي. يعد جوزيف روم مدير المحفظة بفريق الأسواق المبتدئة في انفستك أحد المستثمرين الذين يتطلعون إلى زيادة الانكشاف على الأسهم مجددا بعد تقليص الحيازات في 2011. يقول روم تملك تونس فرصا هائلة للإصلاح .. لكنها بحاجة ماسة إلى الاستثمار الأجنبي المباشر لدفع النمو الاقتصادي وخلق الوظائف. ويقول المحلل ريتشاد سيجال إن تونس لم تشكل حكومة بعد ومن المتوقع أن تقوم بذلك في الأسابيع المقبلة لكن الاستقرار السياسي ومساعي الإصلاح يجعلانها تستحق نظرة جديدة مشيرا إلى التعليقات الإيجابية من وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية. وأبلغ سيجال العملاء الاتجاهات السائدة من المرجح أن تظل مواتية للسوق بوجه عام على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر قادمة .. لذا من المرجح أن نكون أقرب إلى الايجابية منا إلى الحياد حيال تونس. كانت تونس وقعت اتفاقا مدته عامان مع صندوق النقد الدولي في 2013 حيث وافقت على اعتماد سياسات اقتصادية معينة مثل السيطرة على العجز وزيادة المرونة في سوق الصرف الأجنبي والقيام بإصلاحات هيكلية. وعمدت الحكومة بالفعل إلى خفض دعم الوقود وفرض ضرائب جديدة والسماح للدينار بالانخفاض من أجل إعادة بناء احتياطيات العملة الصعبة لكن هناك حاجة لمزيد من الإصلاحات. وتشير فيتش إلى أن القطاع المصرفي التونسي يشكل نقطة ضعف هيكلي رئيسية وقد حان وقت إصلاحه. ويبدي المستثمرون تخوفهم بشكل خاص إزاء عجز ميزان المعاملات الجارية لاسيما وأن الاستثمار الأجنبي المباشر الذي بلغ بحسب البيانات الرسمية 1.5 مليار دينار تونسي (780 مليون دولار) العام الماضي مازال أقل بكثير من مستويات ما قبل 2011. وتفيد تقديرات فيتش أن عجز ميزان المعاملات الجارية لتونس بلغ 8.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 بسبب واردات الطاقة. وبالمقارنة يبلغ العجز في ميزان المغرب 6.7 بالمئة. وقالت فلورنس عيد الرئيسة التنفيذية لأرابيا مونيتور للأبحاث إن العجز قد يتقلص بفضل انخفاض أسعار النفط. لكن هذا قد يحدث تأثيرا معاكسا على الاستثمار الأجنبي المباشر من دول الخليج المصدرة للخام. وقالت ستستفيد تونس من انخفاض أسعار الطاقة لكن ذلك لن يسرع وتيرة الاستثمار بالقدر الممكن لو كان الوضع مختلفا. وأبدى روبرت روتمان من مكتب الاستثمار في جوليوس باير تشككا في قدرة الأسهم التونسية على تكرار أداء العام الماضي. وقال ينبغي أن تتحسن أرباح الشركات التونسية تحسنا كبيرا هذا العام كي تبرر أي زيادات جديدة في المؤشر مضيفا أنه لا يوصي العملاء بشراء الأسهم التونسية. (الدولار = 1.9170 دينار تونسي) (شارك في التغطية سوجاتا راو - إعداد أحمد إلهامي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)