هذا المقال للكاتب محمد كعوش، وما يرد فيه يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN (CNN)-- عندما تقع جريمة في أي زمان ومكان نطرح السؤال التقليدي الحتمي التالي: لمصلحة من، ومن المستفيد؟وامام العملية الارهابية التي نفذها متطرفون في باريس وحولوا العاصمة الفرنسية الى ساحة حرب غارقة في الذعر والرعب والقلق والفوضى، لابد من طرح ذات السؤال: من المستفيد ولمصلحة من؟ بداية أريد أن أوضح بأن لا أحد يوافق على هذه الجريمة الإرهابية، لا في باريس ولا في غيرها من العواصم، ونحن ضد قتل الصحافيين، وضد الاغتيال السياسي، وضد العنف والإرهاب والفوضى تحت أي عنوان أو شعار أومصلحة، لأن الإرهاب غريزة جنونية وظاهرة عالمية لا دين ولا وطن ولا جنسية لها، لذلك يجب عدم الخلط بين الاسلام والإرهاب، وقد ركز الرئيس الفرنسي على هذه الفكرة في كلمته الاخيرة . وأمام ردود الفعل وتداعيات هذه الجريمة الإرهابية المشبوهة التي هزت فرنسا، نأمل أن لا يتم استغلالها سياسيا واجتماعيا من قبل اليمين الفرنسي العنصري المتشدد، أو الحركات الشوفينية المتعصبة الناشطة باسم "الحركة الوطنية " ، وأعني التحذير من نشر الكراهية، أو ارتكاب أعمال انتقامية، أو التحريض، ضد تجمعات العرب والمسلمين المهمشين الذين يعيشون في ضواحي باريس وباقي المدن الفرنسية ، والبالغ عددهم أكثر من سبعة ملايين مواطن ووافد . وعندما كنت أتابع تفاصيل الأخبار حول العملية الإرهابية في باريس، وهذا التعاطف الدولي مع فرنسا، والشجب العربي والإسلامي والغربي لهذه الجريمة، تذكرت موقف الحكومة الفرنسية، وعادت إلى مخيلتي صورة الرئيس الفرنسي هولاند عندما كان من أكثرالمتشددين بين قادة أوروبا من المطالبين بضرورة تسليح فصائل المعارضة في سوريا، وكذلك استعادت ذاكرتي صورة وصوت وزير خارجيته فابيوس، عندما كان ينشط داخل مؤتمرات " أصدقاء سوريا " ويطالب بدعم مطلق للتنظيمات المسلحة العاملة في سوريا، وهو على علم ودراية بأن لم يعد أي وجود للمعارضة المعتدلة السلمية بوجود هذا الكم من السلاح في أيدي الجميع ، كما يعرف أن الهيمنة والسيطرة الفعلية على الأرض أصبحت بيد التنظيمات المسلحة والفصائل الدينية المتطرفة. وهي التي ضربت في قلب باريس . الثابت أن الحكومة الفرنسية تعاملت باستهانة وخفة عندما دعمت الفصائل المقاتلة في سوريا، وكذلك الدول الأوروبية التي سهلت انتقال المتطوعين إلى تركيا ثم التسلل الى الأراضي السورية ، وهي الدول التي كان جل اهتمامها اسقاط النظام في دمشق، ولكنها لم تكن تعلم بانتقال الارهاب اليها مع عودة المقاتلين المدربين من الذين يحملون جنسيات أوروبية. وإذا كانت الحكومة الفرنسية قد اهتزت بسبب هذه العملية الإرهابية التي تحولت إلى حرب الثلاثة أيام، فهناك جيوش من التنظيمات الجهادية المتطرفة في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وتونس تقاتل منذ عدة أعوام ، وما زالت ، لأنها قويت وتغولت بفضل الصمت والدعم الخارجي .. ونتيجة الكيل بمكيالين في التعامل مع الحركات الإرهابية . وفي محاولة للإجابة على السؤال الحتمي التقليدي لمعرفة المستفيد من العملية الإرهابية ، فقد استوقفني توقيت العملية وأثار الشكوك لدي، وهو الذي لم يشر إليه أحد : لماذا الآن ؟ لماذا تم تنفيذ هذه الجريمة بعد تصويت البرلمان الفرنسي لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعقب تصويت فرنسا في مجلس الأمن بنعم للمشروع الفلسطيني الذي قدمه الأردن من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي . واللافت أن إسرائيل بدأت تسعى لتوظيف نتائج هذه الجريمة الإرهابية لمصلحتها فورا، وقبل أن يبرد دم الضحايا . لذلك أعتقد أن العملية الارهابية تحمل في طياتها الكثير من الأسرار التي لم تكشف بعد والتي تتعلق بالمنفذين وبالذين خططوا لها ، ولمصلحة من؟.