عندما استطاع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.. بما يشبه المعجزة عقد جلسات (الحوار الوطني الشامل) في موعده.. المحدد وفق آليات (المرحلة الثانية) من المبادرة الخليجية المزمَّنة، وبجدوله الزمني الطويل - من الثلاثين من شهر مارس الماضي.. إلى الثلاثين من شهر سبتمبر -، وبأعضائه الخمسمائة والخمسة والستين من مكونات الطيف السياسي اليمني (ذكوراً وإناثاً).. ولجانه التسع وبنوده التسع التي تأتي في مقدمتها: قضايا (الجنوب) و(صعدة) و (ماهية الدولة).. فقضايا استقلالية السلطات، والحقوق والحريات، والجيش والأمن، والتنمية المستدامة والعدالة الانتقالية، فـ (الدستور اليمني الجديد).. الذي سيجمع خلاصة ما تم الاتفاق عليه بشأن كل تلك البنود والقضايا.. لتكون هي المرشد لـ (دستور) دولة الوحدة اليمنية الجديد.. الذي سيطرح لـ (الاستفتاء) عليه داخل الجمعية العامة للمؤتمر أو شعبياً.. قبيل الذهاب إلى الانتخابات (البرلمانية) فـ (الرئاسية) التي ستعقبها في الثالث والعشرين من شهر فبراير من العام القادم (2014م)، والتي ستكون مشهد الختام في انتقال السلطة سلمياً، حيث يبدأ بعد ذلك عهد الدولة اليمنية المدنية الجديدة.. كان (المتفائلون) داخل اليمن وخارجه يستبشرون خيراً بـ (إنفاذ) هذا (السيناريو) الطويل.. وصولاً إلى مخرجات (الحوار)، التي سينبني عليها مستقبل يمن الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة.. بدعم دول المبادرة، والدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن، واستناداً إلى (الحكمة اليمانية) التي لابد وأن تتغلب في النهاية.. على المعوقات والمعوقين، والمشككين والمترددين.. بل ومن أعلنوا عن مقاطعتهم لهذا (الحوار الوطني) قبل تحديد موعده ما لم يتم وفق شروطهم البيزنطية: (حوار بين دولتين وعلى أرض محايدة، وبضمانات دولية)!! كما هي حال (الحراك) في (الجنوب)، أو الاعتراف بداية (بحق تقرير المصير) لـ (صعدة)!! كما هي حال (الحوثيين) في الشمال، بينما كان المعتدلون من الشرفاء والعقلاء.. يملؤهم القلق والخوف.. من استحالة تنفيذ سيناريو (الحوار الوطني) هذا، بلجانه التسع وقضاياه التسع وطوله الذي قد يتيح الفرصة لضربه.. وتعطيله عن بلوغ النهاية المرجوة لمخرجاته في بناء اليمن الديمقراطي الواحد الجديد، بينما وقف بين هؤلاء وأولئك (المتربصون) بـ (الحوار).. ممن سايروا مسألة القبول به، أو اضطروا إليها وهم يضمرون أسوأ النوايا والمواقف من صيرورته ومن مخرجاته.. بحد سواء..!!