واصلت الجمعة قوات أمنية بحرية إيطالية البحث عن جثث ضحايا غرق سفينة غرقت قبالة سواحل جزيرة لمبدوزا قبل يومين وعلى متنها قرابة خمسمئة من المهاجرين السريين القادمين أساساً من منطقة القرن الإفريقي. وقد أصبحت لدى المسعفين قناعة بأن العثور على ناجين محتملين أمر شبه مؤكد وأن الأولوية كانت تتمثل أمس في محاولة إخراج جثث الذين ظلوا في السفينة التي توجد على عمق أربعين مترا غير بعيد عن هذه الجزيرة. وقد أعلنت السلطات الإيطالية أمس الاول الحداد على ضحايا غرق السفينة والذين قدر عددهم بثلاثمئة شخص من بينهم أطفال ونساء. وكان خفر السواحل قد تمكنوا بمساعدة بعض الصيادين من إنقاذ 155 شخصاً من الغرق قبل يومين ونقل عشرات جثث الغرقى التي عثورا عليها تطفو فوق مياه البحر إلى اليابسة. وأمام هول هذه الكارثة الإنسانية الجديدة قرب سواحل جزيرة لمبدوزا الإيطالية وجهت عمدة الجزيرة الصغيرة الواقعة غير بعيد عن تونس وليبيا صيحة فزع للسلطات الإيطالية قائلة: "لم يعد عندنا مكان لا للأحياء ولا للأموات". وأكد أنجلينو ألفانو نائب رئيس الحكومة الإيطالية أن هذه السفينة كانت قد انطلقت من ميناء مصراطة الليبي في إطار رحلة سرية باتجاه إيطاليا وأنه قد ألقي القبض على المشرف على الرحلة والذي يحمل الجنسية التونسية. بل إن السلطات الإيطالية ذكرت أن هذا التونسي كان مهاجرا سريا في إيطاليا وأنه طرد منها في أبريل الماضي. وقد استنكرت أمس الاول عشرات المنظمات غير الحكومية التي تعنى بحقوق المهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي ما وصفته "تواطؤ" الطبقة السياسية الأوروبية مع أحزاب اليمين المتطرف من خلال عدم التحرك بما فيه الكفاية لإسعاف "غرقى مقبرة المتوسط" من المهاجرين السريين . وفي هذا السياق طالبت المنظمات غير الحكومية الحقوقية الإيطالية السلطات الإيطالية بإلغاء قانون سن عام 2002 ويرمي إلى معاقبة الذين يساعدون مهاجرين سريين. وجاء هذا الطلب بعد أن تأكد أن ثلاث بواخر إيطالية كانت قد عاينت في الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس الماضيين السفينة التي غرقت وعلى متنها خمسمئة مهاجر سري في الطريق إلى سواحل جزيرة لمبدوزا وفي وضع حرج. ولكن قادة تلك البواخر لم يسعفوا ركاب السفينة خوفا من التعرض إلى عقوبات. من جهة أخرى طالبت السلطات الإيطالية الاتحاد الأوروبي بمراجعة سياسة التعامل مع ملف الهجرة غير الشرعية معتبرة أن إيطاليا تتخبط وحدها اليوم في إدارة هذا الملف الشائك مذكرة بأن غالبية المهاجرين السريين الذين يأتون من أفريقيا أو من منطقة الشرق الأوسط همهم الأساسي الاستقرار في بلدان أخرى في أوروبا غير إيطاليا. وقدرت منظمة الهجرة العالمية غير الحكومية عدد المهاجرين السريين الذين ابتلعتهم مياه المتوسط خلال العقدين الماضيين وهم في الطريق إلى أوروبا بخمسة وعشرين ألف شخص.