عاد أمس موروث شعبي قديم بطريقة بيوع كانت متبعة، وذلك بجلب أبناء البادية منتجاتهم من الأقط والسمن والمواشي لبيعها بعد صلاة الجمعة عند المساجد في القرى والهجر التي تقام فيها صلاة الجمعة، تزامناً مع قرب عيد الأضحى المبارك. ومما يميز تلك الطريقة عدم وجود وسطاء ودلالين يقتطعون من نسبة البيع لصالحهم، حيث إن عملية البيع تتم مباشرة بين البائع والمشتري بأسعار شبه ثابتة وفي متناول الجميع دون تدخل المضاربات عليها. وشهد أمس بعد صلاة الجمعة عمليات بيع للأضاحي مكثفة بأسعار مناسبة للمستفيدين في قرى وهجر العديد من مناطق المملكة، وتشهد الأيام المقبلة تباينا في أسعار الأضاحي، حيث تصل قبل أيام معدودة من يوم النحر إلى أسعار قياسية تصل إلى ثلاثة آلاف ريال للرأس خاصة التي تنطبق عليها شروط الأضحية (ستة أشهر عمر الأضحية وخلوها من العيوب)، وساهم الربيع الكثيف في الموسم الماضي الذي استمر حتى بداية فصل الصيف لهذا العام إلى استقرار أسعار المواشي لدى مربيها في البادية بسبب عدم اعتمادهم على الأعلاف بتغذيتها بشكل كبير، وتراوح أسعار الأضاحي هذا العام في حالة شرائها مباشرة من أبناء البادية بين 1100 إلى 1200 ريال فيما ترتفع حتماً بحالة دخول الوسطاء والشريطية إلى أسعار أعلى من ذلك بكثير بسبب شرائها من مناطق البيع مباشرة في البراري وقرب الصحاري والنفوذ وبيعها في المدن الكبيرة كالرياض وجدة والمدينة المنورة. يذكر أن الأضاحي قد وصلت في العام الماضي إلى أسعار مبالغ فيها تجاوز بعضها ثلاثة آلاف ريال مبررين ذلك بـقحط الموسم قبل الماضي من الأمطار مما أدى إلى قلة الربيع واعتمادهم على التعليف مما يدفعهم إلى رفع السعر لتعويض خسارتهم في الأعلاف. وقال مطلق سعد – أحد مربي الماشية من أبناء البادية – إن طريقة البيع بعد صلاة الجمعة كانت شائعة في الماضي لبيع جميع المنتجات من سمن وأقط، إضافة إلى المواشي التي تعد عماد الاقتصاد لأبناء تلك المناطق، حيث إن مساجد الجمعة حينها تعد منفذا ونقطة بيع مهمة ومؤثرة، وأضاف مطلق أن تلك الطريقة في التجارة تلاشت في السنوات الماضية بسبب تحضر الكثير من أبناء البادية وبحثهم عن مداخيل اقتصادية من وظائف في المدن تعوضهم عن الجفاف وقلة الأمطار اللذين ضربا صحاري المملكة في العقد الماضي، وأوضح أنهم لجأوا إلى استعادة طريقة بيعهم الماضية يوم الجمعة، وذلك لتضييع الفرصة على الدلالين والشريطية الذين يستقطعون نسبة من عملية البيع والشراء لصالحهم وجعل البيع مباشرة للمشتري. وأشار سعود الحربي إلى أن البيع بعد صلاة الجمعة أراحهم من عناء البحث في أسواق الأغنام ووقوعهم تحت رحمة الشريطية الذين يرفعون السعر طردياً مع اقتراب موعد يوم النحر، وقال إن أسعار الأضاحي أمس تراوحت بين 1100 ريال للجملة، فيما بلغ سعر البيع بالتفريق إلى 1200 ريال بانخفاض لا يقل عن 800 ريال عن العام الماضي، وأكد الحربي أن من مميزات الشراء مباشرة من مربي ماشية البادية هو خلو أغنامهم من عملية التسمين المكثفة التي يلجأ إليها بائعو الأغنام في الأسواق بهدف تصديرها للمدن الكبرى وهي سمينة وذلك بعد علفها بالمكعبات والمقويات والأعلاف المركبة.