الفراغ حسب التعريف الفيزيائي يعني خلوّ الحيز من المادة، وفراغ الوقت يعني خلوه من الشغل وهو إمّا أن يكون نعمة على الإنسان أو نقمة عليه، والشخص ذو الهمّة العالية لا يقنعه أن يمرّ وقت من يومه من غير منجز يضيفه لنفسه وقد يتعداه إلى غيره. إنّ البشر جميعهم لديهم 24 ساعة في اليوم، بعضهم يقدم خدمات جليلة لمن حوله وربما تجاوزت منجزاته لتصل إلى الإنسانية جمعاء، وبعضهم لم يحقق هدفاً واحداً في حياته ويتذمر من ضيق الوقت؟ إنّه وعي الإنسان بالحكمة من وجوده على هذا الكوكب. وهنا لابدّ من الإشارة إلى دور المربين من آباء وتربويين ومصلحين في غرس قيمة الوقت في وعي الأطفال فهم أمل الأوطان وصنّاع مستقبلها. والطفل فيه من خصائص الطفولة ما يجعله مرناً طيّعاً في يد المربي يشكّله كيف شاء، وهو مقلّد بارع، فإن نشأ بين أبوين يقدران قيمة الوقت ويمنحانه قليلاً من وقتهما في تشجيعه على القراءة، وجلب المعلومات من مصادرها، وتنمية مواهبه، وإطلاق خياله من خلال الرّسم والتلوين ومشاركته في تصنيع لعبة أو قطعة زينة، فلن يعاني في مستقبل حياته من ضجر أو سأم من وقته، وربما غدا رجلاً لامعاً أو فتاة بارعة. وفي الأيام القليلة القادمة ستعيش البيوت أزمة تتكرر كلّما حلّت إجازة، والسبب هو الفراغ الّذي كانت المدرسة تملؤه، وقد يترتب على ذلك أزمة أخرى فترتفع المصاريف وتضطرب ميزانية الأسرة بسبب كثرة طلبات الأبناء وشعورهم المستمر بالضجر. إنّ تنظيم وقت الأسرة وتوزيع الأدوار على أفرادها بعناية وملء فراغ الطفل بما يلبي حاجاته الوجدانية وينمي قدرته على التفكير الخلاّق دليل على أي نوع من الآباء نحن.