تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ــ حفظه الله ــ تستضيف المملكة العربية السعودية أعمال الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، خلال الفترة من 19 إلى 22 ربيع الأول 1436 هـ، (10 ــ 13 يناير 2015 م) في الرياض. وأوضح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخضيري أن المؤتمر سيشارك فيه أكثر من ثلاثين دولة عربية ومنظمة ومؤسسة معنية، في موضوع المؤتمر الرئيسي، وهو: «اللغة العربية منطلقا للتكامل الثقافي الإنساني» وتتفرع منه أربعة محاور أساسية. وذكر وزير الثقافة والإعلام أن المحور الأول سيكون عن «اللغة العربية: المفهوم والوظائف والاستخدامات»، والثاني عن «إسهامات اللغة العربية في الثقافات الإنسانية»، والثالث عن «لغة الشعوب: ركن في ثقافتها وهويتها»، والرابع «اللغة العربية وإنتاج المحتوى الرقمي»، إضافة إلى عدد من الفعاليات الثقافية المصاحبة لأعمال المؤتمر التي أعدتها الوزارة للوفود المشاركة. من جانبه، أكد المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) الدكتور عبدالله بن حمد محارب أن الخطة الشاملة المحدثة للثقافة العربية هي ارتكاز النهضة الثقافية العربية المنشودة إلى رؤية علمية ونقدية للواقع بمستوياته المحلية والإقليمية والعالمية، إلى جانب الدعوة إلى ضرورة التفاعل مع العصر والفكر الآخر، لا الاكتفاء بالاستعارة منه وتقليده. ولفت إلى أن المسؤولين عن الشؤون الثقافية يدركون عمق العلاقة بين اللغة والثقافة، فليس هناك ما هو أهم من اللغة في تطوير الثقافة الإنسانية، ويعتبرون اللغة عنصرا أساسيا لتطوير الثقافة العربية، الأمر الذي يستدعي مزيدا من النهوض بها وتحديث طرق تدريسها لتكون قادرة على التطور والصمود أمام اللغات الأجنبية، فضلا عن العمل على الارتقاء بمستوى الجامعات العربية لتجاوز المعارف القديمة في مناهجها والتخصصات المحدودة، وجعلها تمتلك ما يلزم من مقومات إنتاج المعرفة وصناعة العلماء. وأفاد الدكتور محارب أنه لا يمكن أن يكون لنا فعل في الواقع الحضاري، ولن تكون لنا مساهمة حقيقية في بناء الحضارة الإنسانية، إلا من خلال مزيد العناية والاهتمام بلغتنا العربية، وتفعيل الاهتمام باللغات الأخرى، ونقل ما فيها من ذخائر معرفية إلى الأجيال العربية، إذ تبرز أهمية التكامل بين اللغة والثقافة بوضوح من خلال دعم الركائز الأساسية التي أفرزت التقارب الثقافي والفكري والتكامل الإنساني الذي يتيح للجميع النظر للمستقبل في إطار من التعددية الفكرية والثقافية المبنية على ثوابت مشتركة ومد جسور من الحوار بين الثقافات والشعوب. وقال المدير العام للألكسو: إن ما أولاه المؤتمر من توصيات وقرارات في دورات سابقة لاجتماعاته، ركزت كلها على المنزلة الرفيعة التي يجب أن تكون عليها اللغة العربية، باعتبارها مكونا أساسيا للهوية وبناء الشخصية وتحذير القيم، وجعل النهوض بها وتهيئتها لمتطلبات عصر المعلومات على رأس قائمة أولويات السياسة الثقافية والتربوية في الوطن العربي، ومن ذلك القرار المنبثق عن الدورة الثانية عشرة بالرياض 2000م، الذي تم فيه إقرار «دعم اللغة العربية في الصناعات المعلوماتية»، والقرار الصادر عن الدورة الرابعة عشرة بصنعاء 2004م، وتضمن توصية «بدعم اللغة العربية تعزيزا للهوية القومية والتنمية المجتمعية»، ووافقت الدورة السادسة عشرة بدمشق 2008م على «مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة الذي أوصت به القمة العربية». وأضاف المحارب: أكد الإعلان الصادر عن الدورة السابعة عشرة للمؤتمر بالدوحة 2010م بشأن القمة الثقافية العربية على أن «اللغة العربية عنصر أساس لتطوير ثقافتنا العربية، ولا بد من النهوض بها»، وحث مؤتمر المنامة 2012م الدول العربية والمنظمة على «مواصلة الجهود في مجال الترجمة والتعريب ونشر اللغة العربية وتحديث طرائق وأساليب تدريبها والاعتناء بمعلميها وتطوير قدراتهم ليكونوا قادرين على النهوض بها، وتحديث طرق تدريسها لتكون قادرة على التطوير والصمود أمام اللغات الأجنبية». وأشار المحارب إلى أن المنظمة تستغل حضورها في المحافل الدولية لتنضم إلى أصوات المدافعين عن «الاستثناء الثقافي»؛ لأنها لا ترى في المنتج الثقافي مجرد سلعة ككل السلع؛ بل تعبيرا عن روح الشعوب وإحساسها وعبقريتها، وعلى هذا الأساس ساندت الاتفاقية التي أصدرتها اليونسكو حول حماية تنوع المضامين الثقافية، وتعاونت مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، ومن بينها مجموعة «الفضاءات اللغوية الثلاثة»، الفرنسية والإسبانية والبرتغالية، وقامت بتنظيم سلسلة من الندوات والمؤتمرات بهدف تفعيل دور المثقف العربي، وشاركت في فعاليات أخرى أو قدمت لها الدعم دفعا للتكامل الثقافي بين البلدان العربية وبناء جسور التواصل مع بقية شعوب العالم وتحقيق التكامل الثقافي المنشود.واستعرض المدير العام للألكسو أبرز نشاطات المنظمة، ومشاريعها المستقبلية، ومنها إحداث جوائز مثل الجائزة العربية للتراث، والجائزة العربية للإبداع الثقافي، والبرنامج الذي تستعد المنظمة لتنفيذه بالتعاون مع الدول العربية واعتزامها تنظيم ندوة دولية حول «الحرف العربي» خلال هذا العام.