صحيفة المرصد :لم تكن لحظات عابرة تلك التي صوب خلالها قائد حرس الحدود بالوجه، العقيد فهد منقرة، بصره لمدة لا تتجاوز الخمس دقائق نحو قبر رفيق دربه، استرجع فيها، شريط ذكريات جمعته بفقيد الوطن العميد عودة البلوي، زهاء 29عاما، اختزلها في نظرته الوداعية لرفيقه بعد أن ووري جثمانه الثرى بمقبرة العدل أمس الأول. ليت القدر جمعنا، أن أكون مكانه لأحظى بشرف الشهادة، خواطر حدث بها العقيد منقرة نفسه وهو يقف على قبر صديقه، يقول: كل من يشاهد الصورة التي يتوقع أنني حزين على زميلي ولكن الحقيقة أنا فخور وسعيد بهذه الخاتمة الحسنة التي نالها، وكم تمنيت أن يجمعنا القدر في هذه الشهادة كما جمعنا كرفقاء درب طوال 29 عاما. وبحسب صحيفة مكة يسرد منقرة، كثيرا من المواقف التي جمعته بالفقيد: تعرفت عليه عندما كنت في الكلية وكان يسبقني بعام، ولذلك تم تعيينه عريفا على الطلبة، وكان رحمه الله قريبا جدا من زملائه لم يشعرهم بفارق الأقدمية، وكان سباقا للوقوف مع من يحتاج إلى المساعدة، ولذلك حظي بالاحترام والتقدير، تشرفت بمزاملته في التدريب بالكلية بعد التخرج، ومن ثم عملنا سويا في القطاع بالوجه، وأصبحنا صديقين حميمين لا نفترق عن بعضنا البعض وكل من عاصرنا يعرف مدى الرابط القوي الذي يجمعني به. وعن مواقف الشهيد الإنسانية يقول،: للفقيد مآثر كثيرة لا تعدولا تحصى، خاصة الإنسانية التي كان لا يحبذ أن يعلم عنها أحد، ولكن بحكم قربي منه، ونظرا لانتقاله إلى عرعر أجبر على أن يوصيني بالاهتمام بكثير من الأسر المحتاجة التي كان يرعاها ويهتم بها، أما عن مواقفه معي فهي عديدة، وكثيرا ما كنت أتفاجأ بأنه كان وراء حل عدد من المعضلات التي تعترض طريقي على الرغم من مرور سنوات عليها، وهي ما عمقت روابط الأخوة بيننا. أحد أبناء الشهيد كان متأثرا لفقد أبيه ولكن المنقرة أصر على أن يشد من أزره ويطالبه برفع رأسه ويفتخر بأبيه يقول عن هذه اللحظات: في مراسم الدفن لاحظت أن أحد أبناء الفقيد كان يبكي بحرقة، قدمت إليه وطلبت منه أن يكون قويا، وأن يفتخر بأبيه الذي رفع رأس كل رجل أمن بفدائيته وشجاعته، وقلت له مهما تفعل بحياتك من منجزات لن تبلغ ربع فخرك بأبيك الذي دفع روحه فداء للوطن ونال من خلالها الشهادة التي هي مبلغ حلمنا. لا يعد منقرة اهتمامه بأبناء الفقيد موقفا إنسانيا فقط، ولكن لعمق الأخوة والصداقة التي جمعته برفيقه طوال ثلاثة عقود رفعت من مستوى الاهتمام إلى أن يعدهم أبناء له. ويضيف: لن أهتم بهم فحسب، ولكن سأعدهم أبناء لي، وهذا أقل ما أقدمه لأخي عودة جزاء ما غمرني به من عرفان ووقوفه معي طوال سنين جمعتنا سويا لم أر منه إلا الشهامة والكرم وحب الخير لي قبل أن يحبه لنفسه.