يعتقد البعض أن كلمة "كلب" هي مَسَبَّةً بينما هو اسم وليس فعلا، والأفعال الكلبية هي الأفعال التي تنم عن دناءة في النفس والموقف. وفي الوقت الذي لم يحظ به أبناؤنا بالكثير من الإرشاد والتوجيه فيما يتعلق بالتعاطف مع الحيوانات، لا نجد إلا حديثا أو حديثين نبويين يدرسان بالمرحلة الابتدائية، ويكاد يكون التوجيه الوحيد هو حديث الرجل الذي سقى الكلب الذي كان يلهث فكافأه الله بالرحمة، والمرأة التي عذبت القطة وكافأها الله بالنار، وعلى أن الحديثين هنا خصصا الرحمة كأحد شيم الرجل والقسوة كإحدى صفات المرأة إلا أنه حتى الآن لم تظهر لنا امرأة تعذب قطة أو كلبا، ولم يظهر لنا حتى الآن نماذج تستحق التوقف للإشادة بها في الرفق بالحيوان ولا أستثني هنا رش الكلاب والقطط في المدن بالمواد السامة للتخلص منها. من كريم وعظيم التقنية المعاصرة أنها أهدتنا "اليوتيوب" هذه النافذة العظيمة التي تنقل لنا ما يحدث على هذه الأرض، وقد علمنا هذا "اليوتيوب" أكثر مما علمتنا كتب المدارس. أصبحت لدينا عين بصيرة ترى العالم كما هو على حقيقته بكل المعطيات التي تكشف لنا فوضوية البشر بخيرهم وشرهم. أن نرى شابين يعذبان كلبا حتى الموت، وعلى الجانب الآخر من الجغرافيا المكانية شاب من نفس البيئة يقطع رأس كائن بشري مثله؛ هذا يعني أن قصة الكلب الذي سقاه الرجل حتى شبع لم تكن كافية لتهذب فيه روح الرحمة وروح الإنسان النبيل ربما مقابل عشرات القصص التاريخية التي صورت له القتل والتنكيل باعتباره بطولات فلم يكن له خيار. مقطع تعذيب "الكلب" المغدور الذي بُث عبر مواقع التواصل ليس الأول ولن يكون الأخير لشباب امتلأت نفوسهم بالسادية واللارحمة، فقبله شاهدنا ذلك الذي قام بحرق الثعلب حيا، والذي قتل عشرات الغزلان البريئة للمتعة فقط. ويضج "اليوتيوب" السعودي تحديدا بمئات المقاطع لتعذيب الحيوانات لمجرد التسلية والضحك وبث المقاطع دون أي رادع من ضمير أو مسؤولية. كيف توسعت دائرة العنف الكلبي في نفوس هؤلاء؟ كيف تشكل وعيهم وتفكيرهم ليكونوا على هذا الشكل من القبح واللارحمة؟ التربية؟ المنزل؟ المجتمع؟ التعليم؟ بالتأكيد كل هؤلاء شاركوا في خلق النموذج السابق، لأنه بشكل أو بآخر شاركوا في جريمة عدم احترام الحيوان وتقدير حياته التي وهبها الله له، وذلك بتعزيز العنف واللارحمة، وتجاهل أهمية حياة الحيوان ورخصه بالنسبة لهم. فهناك أسر تحضر لأطفالها حيوانا للتسلية به وليس للعناية به وحمايته. وفي المدارس وفي الكتب المدرسية ليس هناك ما يعزز احترام الحيوان وربط هذه القيم بالواقع. وفي المجتمع لا توجد أي جهات تعنى بحقوق الحيوان، كل هذه المعطيات تقول إن هناك قلوبا تحجرت وحلقة مفقودة اتسعت.