أكد خبراء مختصون في التغير المناخي ان الحالة الجوية التي تمر بها المملكة شبيهة بحالة الموجة الباردة في عام 2008م والتي تسببت في اتلاف كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية نتيجة الصقيع خاصة في مناطق وسط وشمال المملكة، مشيرين في الوقت نفسه الى ان السبب الرئيسي وراء تأخر دخول فصل الشتاء في المملكة والدول الخليجية والعربية يعود الى ارتفاع درجات الحرارة في المحيط الهادي والقطب الشمالي مما اسهم في حدوث تذبذبات سلبية انحدرت منها كتل هوائية باردة اثرت على شبه الجزيرة العربية. أوضح رئيس قسم الأرصاد ومدير مركز التميز لأبحاث التغير المناخي في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور منصور المزورعي بأن الحالة المناخية لعام 2009م تعد الأشد في برودة اجوائها وهو ما تشهده الحالة المناخية لعام 2015م وما تمر به المملكة ودول الخليج وما تسببه البرودة من تأثير على حياة السكان وكذلك اتلاف كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية في المناطق الشمالية من المملكة، ويتوقع دخولها الفعلي لموجة الشتاء حيث ان الموجة الباردة التي حصلت في 2008م كانت بدايتها في 11 يناير أي 2 محرم 1429هـ وكانت أشد موجة برد وصقيع مسجلة مناخياً. وقال الدكتور المزروعي بأن موجة يناير 2008م استمرت لفترة طويلة دون الصفر حيث ان القريات استمرت 11 يوما ودرجات الحرارة كانت 9 درجات والجوف استمرت 7 أيام بدرجة 5 تحت الصفر وحائل 6 ايام بدرجة 10 تحت الصفر والقصيم 6 ايام بدرجة 7 تحت الصفر، مشيرا في الوقت نفسه الى أن احتمالية تساقط الثلوج واردة خاصة على المرتفعات الشمالية الغربية من المملكة والأطراف الشمالية اليوم. وبين الدكتور المزروعي بأن الرياح ستكون بإذن الله خلال الأيام القادمة نشطة مما يزيد الإحساس بشدة برودة الطقس وإلى إرتفاع الموج خاصة شمال البحر الأحمر وننصح بشكل عام بارتداء ملابس ثقيلة خاصة لطلاب المدارس في الصباح والابتعاد قدر الإمكان عن الأنشطة بالمناطق المفتوحة البرية أوالبحرية، حيث ستبلغ درجات الحرارة الصفر أو دون الصفر على أجزاء من شمال وشمال وسط المملكة اليوم وحالات الصقيع قد تؤثر على المزروعات بتلك المناطق وايجاد أماكن آمنة لحماية المواشي من البرد الشديد كون التحذير الشديد هو ليس لهبوط درجات الحرارة دون الصفر المئوي أو حتى إلى -10 ولكن التحذير من استمرارها لعدة أيام فيكون التأثير أقوى مناخيا. وقال لـ«اليوم» رئيس قسم التنبؤات الجوية في ادارة الارصاد الجوية بالكويت الدكتور حسين الصراف ان هناك دورتين من الناحية العلمية في التغيرات المناخية منها ما يسمى تذبذبات مناخية وتكون حالة دوران بالنسبة للغلاف الجوي وتتراوح ما بين 10 - 30 سنة، ولا بد لنا ان نعلم جيداً بأن التغيرات المناخية لا بد ان تغير الغلاف الجوي او الطقس بمعدل عام لأكثر من 30 سنة. وأضاف الصراف إن ما يحدث حاليا على شبه الجزيرة العربية من موجات باردة تدخل ضمن التذبذبات المناخية له تأثير اساسي من التغيرات المناخية مثل ما حدث في العام الماضي من ارتفاع في درجة حرارة القطب الشمالي والذي أدى الى دفع الكتل الهوائية اكثر الى الجنوب والتقت في المناطق الوسطى مع كتل هوائية دافئة ادت الى تكون كثير من الجبهات الهوائية الباردة وتسببت في سقوط الثلوج بكميات كبيرة في امريكا الشمالية واوروبا وحتى في شبه الجزيرة العربية وما صاحبها من ما يسمى تذبذبات القطب الشمالي والتي تتأثر بدرجات الحرارة في القطب الشمالي، مشيراً الى التذبذبات القطبية تكون ايجابية في أعوام وسلبية في اعوام اخرى وتدخل تحت التذبذبات المناخية. وأشار «الصراف» الى ان هناك مؤشرات في العام الحالي تدل على حدوث تذبذبات سلبية في القطب الشمالي والتي ممكن ان تنحدر منها الكتل الهوائية الباردة بسبب ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي الى خطوط العروض الوسطى وتسبب في حدوث جبهات هوائية عنيفة يكون فيها انحدار الكتل الهوائية بشكل أعنف من السنوات العادية او الطبيعية التي لا تكون لا سلبية ولا ايجابية، ويصحب هذه الجبهات الهوائية تساقط الثلوج بسبب التذبذبات القطبية. ولفت «الصراف» الى ان ارتفاع درجات الحرارة في المحيط الهادي بمعدل من نصف الى درجة أدى الى تأخر الشتاء والجبهات الهوائية بالنسبة لشبه الجزيرة العربية في ما يسمى بظاهرة «النينو» ويصحبها فرق في الضغط الجوي بين شرق وغرب منطقة المحيط الهادي المدارية وتغيرات في كميات السحب والرياح العلوية والرياح المنخفضة ومعدلات هطول الأمطار في منطقة المحيط الهادي المدارية مثلما حدث من قبل في الاعوام 1998 و2004 و2010، مشيراً الى ان الجبهة الهوائية التي تمر على شبه الجزيرة حتى الآن تبين اختلافا في درجات الحرارة واختلافا في الضغوط مما يتسبب في حدوث رياح وكتلة هوائية باردة تنحدر خلف الجبهة الهوائية، واساس التحكم في التذبذبات القطبية، التيارات النفاثة في طبقات الجو العليا، وعندما تنحدر التيارات النفاثة من طبقات مرتفعة جدا الى خطوط العرض الوسطى وفيها شبه الجزيرة العربية تؤدي الى زحف الكتل الهوائية الباردة، وعادة عنما تكون التيارات النفاثة اكثر جهة الشمال تحجب الكتل الهوائية الباردة من انحدارها لشبة الجزيرة العربية. من جهته قال مدير الإدارة العامة للتحاليل والتوقعات بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة شاهر أبو حميدي ان مؤشرات الخرائط الآنية وتوقعات النماذج العددية في الادارة العامة للتحاليل والتوقعات تشير الى بدء تأثير كتلة هوائية شديدة البرودة على مناطق شمال وشمال غرب المملكة (تبوك- تشمل السواحل، الجوف والحدود الشمالية) مصحوبة بنشاط في الرياح السطحية تحد من الرؤية الافقية يعقب ذلك انخفاض ملموس في درجات الحرارة يصل الى اقل من الصفر المئوي وتتهيأ الفرصة لتساقط ثلوج خفيفة على منطقة تبوك (جبل اللوز ، علقان) والاطراف الشمالية من المملكة (طريف)، ويبدأ تأثير الكتلة الهوائية الباردة من اليوم على مناطق (حائل، القصيم، الشرقية، والرياض) ويستمر الانخفاض في درجات الحرارة على منطقة المدينة المنورة ومكة المكرمة (تشمل السواحل منها) بصحبة رياح نشطة تحد من الرؤية الافقية، ويبدأ غدا التأثير على جنوب المملكة (نجران، مرتفعات جيزان، عسير، والباحة) مشدداً على الجميع بمتابعة تقارير الطقس اليومية الصادرة عنها واتخاذ الحيطة والحذر.