أجمع عدد من المختصين في قطاع التأمين، على أن السعودية من الدول التي تحتضن أكبر عدد من شركات التأمين على مستوى الشرق الأوسط، والبالغ عددها 36 شركة، مشددين على ضرورة التدخل الحكومي لإعادة هيكلة قطاع التأمين برمته، واقترحوا في الوقت نفسه إعداد الدراسات الصحيحة المتعلقة بأسعار وثائق التأمين. من جهته، أكد لـ«الشرق الأوسط»، الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، أن الوقت حان لإعادة النظر في أوضاع شركات التأمين وأساليب إدارتها وبشكل تفصيلي، مشيرا إلى أن شركات التأمين القادرة على النهوض بالقطاع عددها محدود، يقابلها شركات تواجه مشكلات مالية قد تتسبب في عدم الوفاء بالتزاماتها مستقبلا، وهي غير قادرة على التطور وتحقيق النمو، بل إنها تواجه تحديا كبيرا بأسباب خسائر متراكمة أدت إلى تآكل رأسمالها. وقال: «لا يمكن أن يتطور قطاع التأمين بشكل عام، ما لم يكن هناك تغيير في هيكلة هذه الشركات، وأعني أن السوق بحاجة ماسة إلى اندماجات تحدث بين شركات التأمين نفسها، الأمر الذي من شأنه المساهمة في خلق شركات كبرى قادرة على تحقيق هدف الربحية وتطوير الخدمات والمنتجات التأمينية للمستفيدين»، جازما بأن إعادة هيكلة القطاع لا يمكن أن تتحقق من غير جهود حكومية ممثلة بمؤسسة النقد التي يهمها أن يتحمل القطاع جميع الأعباء التأمينية والالتزامات المالية المستقبلية. وأضاف: «القطاع بحاجة إلى إضافة شركات جديدة ذات رؤوس أموال مرتفعة لتستوعب الطلب المتنامي في سوق التأمين مستقبلا، إضافة إلى قدرتها على تحقيق تنوع المنتجات التأمينية، خاصة أن هناك توجها حكوميا مرتقبا للتأمين الطبي للمواطنين، الأمر الذي يحتاج إلى استكمال البنى التحتية لقطاع التأمين وأعني الشركات الكبرى القادرة على توفير الخدمات التأمينية للمواطنين». وفي سياق متصل، يدخل سوق التأمين الصحي على وجه التحديد في غضون الأسبوع المقبل، مرحلة جديدة من التطوير، وذلك على أثر إعلان السعودية أول من أمس القاضي بعدم إصدار أو تجديد إقامة أي مقيم عامل في القطاع الخاص ولديه أسرة، إلا بعد وجود تأمين صحي لجميع أفراد أسرته المقيمة في البلاد. بدوره، كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الله الشريف، الأمين العام لمجلس الضمان الصحي التعاوني، أن عدد المؤمّن عليهم في قوائم شركات التأمين في السعودية تجاوز 7.5 مليون مقيم، يعملون في القطاع الخاص، وذلك عبر 36 شركة تغطي جميع المدن الرئيسية، مبينا أن انعكاس هذا القرار سيضمن لجميع الأسر المقيمة الذين ليس لهم الحق في مراجعة المستشفيات الحكومية، الحصول على الخدمات الطبية المقدمة من قبل القطاع الخاص، وذلك بحسب إجراءات نظام التأمين الطبي المعمول به في السعودية. وعن الأثر الاقتصادي لتطبيق النظام، أوضح الأمين العام لمجلس الضمان الصحي التعاوني، أنه بعد تطبيق هذا النظام سيزيد الطلب على شركات التأمين، كون السعودية من أكثر بلدان العالم التي تحوي عددا كبيرا من الشركات المتخصصة في قطاع التأمين، مفيدا بأن المردود الاقتصادي بعد زيادة حصة التأمين في القطاع سيرتفع مقارنة بالسنوات القليلة السابقة. وشدد في الوقت نفسه على شركات التأمين، بأهمية إعداد الدراسات الصحيحة المتعلقة بأسعار وثائق التأمين بعد زيادة الطلب على الخدمة، بحيث تكون ذات أسعار معقولة ووفق أسس عملية، مع وفائها بالضمانات الموضوعة من قبل مجلس الضمان الصحي. من جانبه، اعتبر الدكتور أدهم عمر، المستشار الاقتصادي لشؤون التأمين، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار ربط إصدار وتجديد الإقامات سينعكس على أداء القائمين على العمليات الفنية في شركات التأمين، بعيدا عن رأس المال أو أسهم الشركة المدرجة في السوق المالية، أو حتى المتداولين، مفيدا بأن الإضافة الربحية لشركات التأمين لن تكون كبيرة بعد تطبيق القرار لأنه لا يشمل إلا وثيقة التأمين الطبي فقط. وقال المستشار في شؤون التأمين «بالنسبة للقرار فهو متوقع، خصوصا أن مجلس الضمان الصحي، فرض وبشكل تدريجي التغطية الطبية على المقيمين، حيث بدأت بالعاملين بشكل مبدئي، وأخيرا شملت الأسر المقيمة في السعودية، والمرتبطة بعقود رسمية مع شركات القطاع الخاص»، مستبعدا تطبيق هذا النظام على الأسر المقيمة التي لا تنتمي إلى قطاع خاص بشكل رسمي مثل المتسببين وكبار السن.