هناك ثوابت جوهرية يرتكز عليها الإجماع الصهيوني تتمحور في إجماع على كون إسرائيل دولة يهودية. ولطالما عبر المسؤولون الصهاينة عن تخوفهم من «القنبلة الديموغرافية» التي يمثلها العدد المتزايد لفلسطينيي 48 (وكذلك في الضفة وغزة). وأكدت مجموعة من الدراسات والإحصائيات السكانية والاجتماعية صدرت في إسرائيل، أن العامل الديمغرافي مفترض له أن يكون أحد أهم العوامل في موضوع «يهودية الدولة». وفعلا، سلط خبراء ومحللون الأضواء على الهاجس الديموغرافي الذي يشغل الصهيونية وإسرائيل. لذا، لم يكن من المستغرب تصريح وزير الخارجية الأمريكية جون كيري الذي قال فيه إن الديناميت الديمغرافية في إسرائيل شكلت تهديدا وجوديا يجعل من المستحيل على إسرائيل أن تحافظ على مستقبلها كدولة ديمقراطية يهودية. في وعد بلفور 1917، وعدت بريطانيا بوطن قومي للشعب اليهودي، وليس بدولة يهودية. وفي 1948، وحين قدم طلب الاعتراف بإسرائيل للرئيس الأمريكي هاري ترومان ليقوم بتوقيعه، قام بشطب وصف إسرائيل بالدولة اليهودية الجديدة وكتب بدلا منها وبخط يده عبارة «دولة إسرائيل الجديدة». وكان هذا أول اعتراف من أي دولة في العالم بإسرائيل، ما يؤكد أن العالم لم يعترف يوما بيهودية إسرائيل. وفي مقال نشرته «فورين بوليسي» للباحث المشارك في برنامج الشرق الأوسط في مجال العلاقات الخارجية (يوري سادوت) بعنوان «قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة ليس لها فتيل»، كتب يقول: إذا استمعت إلى بعض كبار المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، فستتشكل لديك القناعة بأن قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة تدق، وأنها مهيأة للانفجار في أي يوم الآن. ويضيف سادو أن مخطط تهجير عشرات الآلاف الفلسطينيين من مناطقهم في النقب، له علاقة بمسألة تهويد الدولة وليس بالقنبلة الديموغرافية. ولتكريس يهودية الدولة، طرحت فكرة نقل مناطق من المثلث العربي في إسرائيل إلى سيادة الدولة الفلسطينية المفترض أنها قادمة. إعادة طرح هذه الأفكار يثبت أنه ما من موضوع حاليا عدا «حق العودة» للاجئين الفلسطينيين يتوافق حوله «إجماع قومي ووطني إسرائيلي» أكثر من موضوع المحافظة على الطابع اليهودي الصهيوني لدولة إسرائيل. وأن أمل إسرائيل الوحيد للحفاظ على هويتها، كما يقول أنصار نظرية القنبلة الديمغرافية الموقوتة، هو إبرام صفقة سلام سريعا مع الفلسطينيين تعبد الطريق لقيام دولة فلسطينية مستقلة. لكن القبول بمصطلح ومطلب «يهودية إسرائيل» يعني التنازل عمليا عن حق العودة ومنع عودة اللاجئين إلى وطنهم المحتل عام 1948، كي لا تؤثر عودتهم على الديموغرافية الإسرائيلية وطابع الدولة اليهودي. وهذا المطلب يتضمن أيضا توجه إسرائيل نحو طرد فلسطينيي الـ 48 من وطنهم بزعم الحفاظ على نقاء الدولة اليهودية. كما يخدم محاولة جذب مزيد من يهود العالم إلى إسرائيل.