في الوقت الذي أكدت فيه منظمة الجمارك العالمية أن مصلحة الجمارك السعودية، قد تكون خالفت القوانين المحلية بإدخال منتج شعيرية مستورد يحوي لحوم الخنازير، دافعت المصلحة عن موقفها، مؤكدة أنها قدمت فسحا بتعهد للمستورد وفقا لما ينص عليه القانون الجمركي الموحد بين دول الخليج. وقالت لـ "الاقتصادية" سيلفي ديكريز، مسؤولة مكتب الإعلام والاتصالات في منظمة الجمارك العالمية: "إنه إذا تسربت مواد أو بضاعة، فقد يكون هناك خلل في القوانين، أو خلل في الإجراءات الجمركية، وإما هناك مخالفة من سلطات الجمارك لقوانين سليمة، وفي الحالة الثانية تكون الجمارك قد خالفت القوانين المحلية وليست قوانين المنظمة". وأضافت: "ليس لقوانين المنظمة أدنى قول في المخالفات داخل الحدود، فهو أمر محلي بحت، وكل دولة عضو مسؤولة عن قوانينها وكيفية تطبيقها، وكل حكومة، وليست المنظمة، تقرر ما هو ملائم وغير ملائم، الأمر متروك للحكومات، والمنظمة لا تتدخل في كيفية إنفاذ القوانين المحلية ومخالفتها. وتابعت :"إنه في حالة تسرب مواد غذائية فاسدة أو مواد كيماوية خطرة، وما ماثل ذلك، وإذا ما أسفر الانتهاك عن مخاطر تهدد الصحة العامة أو البيئة، فستأخذ المنظمة ملاحظة بذلك هي ليست في مصلحة الدولة العضو بالتأكيد". «الاقتصادية» 5 / 1 / 2015 ولفتت المتحدثة الانتباه إلى أن قوانين المنظمة لا تُلزم السلطات الجمركية في الدول الأعضاء باتباع خطوات بذاتها، أو تطبيق جداول زمنية معينة في إجراءات التخليص الجمركي، ولا تحدد أولوية أو أسبقية أي إجراء. لكن في المقابل، هي تقدم مساعدات للدول الأعضاء في مجال رفع كفاءة أجهزة السلطات الجمركية، وتسهيل انسياب العمل الجمركي، وتحسين دقته. يذكر أن وزارة التجارة والصناعة في السعودية أعلنت قبل خمسة أيام عن ضبط كميات من معكرونة سريعة التجهيز مستوردة، مكوناتها تحتوي على لحم خنزير. وقالت الوزارة إنه تم ضبط الكميات بعد تلقي بلاغ من مواطن. وأكدت الهيئة العامة للغذاء والدواء، أنها لم تأذن بفسح أي من المنتجات التي ضبطتها فرق التفتيش التابعة للوزارة. وأشارت الهيئة إلى أنها تقوم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالبحث والتقصي عن الطريقة التي أُدخلت بها هذه المنتجات إلى الأسواق المحلية، رغم رفض الهيئة منح هذه المنتجات إذنا بالدخول. بدورها أكدت لـ "الاقتصادية" مصلحة الجمارك السعودية أنها وضعت المؤسسة المستوردة لـ "شعيرية الخنزير" في المسار الأحمر، وشددت التدقيق على وارداتها طبقا لتقارير الخطورة، وحرمانها من ميزة "الفسح بتعهد" مستقبلا. وقال عيسى العيسى المتحدث الرسمي باسم المصلحة أمس إن "الجمارك" ملتزمة بتطبيق النظام الموحد بين دول الخليج، مضيفا "الفقرة الثانية من المادة 56 تنص على الإفراج عن البضاعة التي يقتضي فسحها إجراء تحاليل لقاء ضمانات تكفل عدم التصرف بها إلا بعد ظهور النتائج". وتابع "الفسح بتعهد مطبق على مستوى جمارك العالم، لأن تحليل العينات في المعامل يحتاج إلى وقت يصل لأسبوعين، وبقاء البضاعة يعرضها للتلف، خاصة المواد الغذائية ويؤدي لتكدس الموانئ بالبضائع". وذكر العيسى أن مصلحة الجمارك تستكمل إجراءات التحقيق مع المؤسسة المخالفة لو عرضت القضية على اللجنة الجمركية المختصة، التي تعتبر محكمة إدارية جمركية، باعتبار الواقعة تهريبا جمركيا. وقال العيسى "المؤسسة المستوردة تصرفت في البضاعة وأدخلتها السوق قبل إجازة الفسح، مخالفة بذلك ما تعهدت به، وهذا يعتبر تهريبا جمركيا". وأضاف "في هذه الحالة يتم تطبق المواد الواردة في نظام (قانون) الجمارك الموحد التي تقضي بمصادرة الإرسالية أو بدل مصادرة يعادل قيمتها، وتغريم المستورد بغرامة لا تقل عن قيمة البضاعة إلى ثلاثة أمثالها طبقا للمادتين 142 و145". وقال لـ "الاقتصادية" نعيم النعيم مدير ميناء الملك عبدالعزيز في الدمام إن سرعة فحص البضائع الغذائية وغيرها المستوردة ليست من اختصاص إدارة الميناء، بل من اختصاص الجمارك وهيئة الدواء. وأكد وجود "تعاون كبير على مدار الساعة بين الميناء والهيئة والجمارك، بهدف سرعة إنجاز البضائع المستوردة وعدم تأخير بضاعة أي مستثمر وطني". وأضاف النعيم "جمارك الميناء وهيئة الغذاء الدواء تحرصان على عدم تأخير أي بضاعة، وتقوم من باب الثقة بالمستثمر السعودي بفسح بعضها مع تعهد خطي من المستثمر بعدم التصرف بها حتى ظهور نتائج الفحص". من جهته ذكر لـ "الاقتصادية" خلف الخلف، أحد كبار مستوردي اللحوم والمواد الغذائية في السعودية، أن لحوم الخنازير وشحومها لا تصل إلى السوق السعودية بشكل مباشر، إلا أن بعض شركات الأغذية الأجنبية تضيف مشتقات من الخنازير في بعض المواد الغذائية. وأضاف أن "عملية الفسح المؤقت من قبل هيئة الدواء والغذاء شجع بعض ضعاف النفوس على التصرف بالمواد الغذائية المستوردة قبل ظهور نتائج الفسح"، مؤكدا أن الغرامة المطبقة بحق المخالف "غير مجدية". وحمّل الخلف الهيئة جزءا من مسؤولية تصرف التاجر بالبضاعة قبل نتائج التحليل "كون مدة الفحص طويلة تستغرق أكثر من عشرة أيام، وقد تكلف المستثمر كثيرا من الخسائر". وطالب بتوفير عدد أكبر من المختبرات المتخصصة لفحص البضائع الغذائية المستوردة، كون الميناء لا يملك مواقع وأرضيات تكفى لتلك البضائع. وقال "المستثمرون في شتى القطاعات دفعوا في السنوات الماضية مبالغ ضخمة قيمة أجهزة الفحص الإشعاعي للبضائع دون إفراغها بهدف كسب الوقت".