يحوز الإعجاب من يتقن علمه، وتنصرف همته له، خاصة في ظل الفوضى العارمة التي تحيط بنا. قبل أيام قرأت خبرا، في هذه الجريدة، عن «كرسي الدكتور عبد العزيز المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها» في جامعة الملك سعود بالرياض لإنجاز مشروع يتعلق بتحويل الجامعة إلى أكبر حاضنة عالمية للمخطوطات العربية. الدكتور المانع الذي أطلق اسمه على هذا الكرسي العلمي، هو أحد علماء اللغة والأدب في السعودية. في التعريف الذي نشر عنه، لفت الزميل بدر الخريف النظر الى مشروع علمي جميل للمانع، وهو وضع خارطة علمية لهروب شاعر العربية الأكبر (المتنبي) من مصر إلى الكوفة من خلال قيام المانع برحلات علمية ميدانية إلى الأردن وشمال السعودية لرسم طريق هروب المتنبي ووضع الخرائط النهائية للطريق بمعايير دقيقة، بالاتفاق والمشاركة مع إدارة المساحة العسكرية بالرياض، والتعاون مع الجمعية الملكية الجغرافية. هذه التفاصيل التي تدل على دأب علمي، ذكرتني بمشاريع رواد العلماء والباحثين السعوديين لوضع معاجم جغرافية وبلدانية عن كامل الأرض السعودية، فيها الغزير والمثير بمنهج مزج بين المتعة والعلم. رواد مثل: حمد الجاسر وعبد الله بن خميس والعقيلي وابن جنيدل والعبودي والبلادي، وغيرهم. ثم تذكرت باحثا سعوديا آخر، طرح فكرة رائدة لتحويل هذه الثروة التاريخية والعلمية للجزيرة العربية، التي تشكل السعودية غالب مساحتها، الى نقطة جذب سياحية علمية ترفيهية. هذا الباحث هو الدكتور عبد العزيز بن محمد الفيصل، وخلاصة فكرته الرائعة، هي وضع «أطلس» سياحي، وبرنامج زيارة منظم، للمواقع الأثرية والتاريخية السعودية وربط القصائد والمعارك والقصص الجاهلية الشهيرة، بمواقعها الحالية، في نسيج واحد، مبرهن علميا، وممتع سياحيا، ومفيد اقتصاديا. الباحث الفيصل يعتقد أن هذه المواقع مهمة للغاية للأدباء والباحثين والمهتمين في الشعر العربي، وهي مواقع جميلة وقابلة أن تكون علامة مميزة في المسارات السياحية، وخارطته تضم أسماء مثل النابغة وعنترة، ومواقع أحداث شهيرة مثل حرب داحس والغبراء وغيرها. هل يمكن ترجمة هذا الكلام لواقع على الأرض؟ هيئة السياحة والآثار حسب جريدة «الجزيرة» طلبت من الفيصل التعاون. هي ثروة كما ترون، تغني عن الفاني من الثروات، لأنها ثروات خالدة، ونوافذ منعشة للعقل والروح.