أفتى المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، أمس، بحرمة سلب أو نهب ممتلكات المواطنين في المناطق التي تتولى القوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي تحريرها من تنظيم «داعش»، في وقت كشف فيه قائد عسكري عراقي أن «الغالبية العظمى من خسائرنا البشرية هي بسبب هذه العمليات، وليست عن طريق القتال المباشر مع الإرهابيين». وقال بيان صدر عن مكتب السيستاني ردا على استفتاء بشأن نهب ممتلكات المواطنين في المناطق المحررة، إن «المرجع يؤكد مرارا وتكرارا على حرمه التعدي على أموال المواطنين في المناطق المحررة». وأضاف البيان أن المرجع «أوعز إلى خطيب جمعة كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي بالتأكيد على حرمة ذلك في أكثر من خطبة، وخلالها طالب الحكومة بالضرب بيد من حديد على أي متجاوز على أملاك وحرمات وحقوق المواطنين»، مشيرا إلى أنه «مع ذلك نجدد ونؤكد مرة أخرى فنقول إن أموال المواطنين في الأماكن التي تدخلها القوات الأمنية من الجيش والمتطوعين أو غيرهم، ليست غنائم حرب». وشدد بيان مكتب السيستاني أن «الفرهود المنقول منها وإتلاف غير المنقول حرام حرام»، مؤكدا أن «ذلك له آثار بالغة السوء على التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، فاتقوا الله أيها الناس ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة». من جهته، أكد رجل الدين الشيعي والأكاديمي عبد الحسين الساعدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية الدينية عرفت عبر تاريخها بالاعتدال والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وهو ما درجت عليه عبر تعليمات مشددة إلى وكلائها في كل المحافظات؛ وفي المقدمة منها المحافظات المختلطة والتي كثيرا ما يجري التركيز عليها من قبل وسائل الإعلام». وأضاف الساعدي أن «الفتوى الصادرة من قبل المرجع الأعلى في الواقع ليست جديدة، لأن التعليمات الصادرة عبر وكلاء المرجعية كلها تؤكد على حرمة مثل هذه الأعمال، لكن يبدو أن البعض لا يريد أن يستمع جيدا؛ الأمر الذي استلزم إصدارها على شكل بيان رسمي وبفتوى صريحة وواضحة وملزمة لكل أتباع المرجعية». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت مثل هذه الممارسات فردية أو منظمة من قبل جهات فاعلة في «الحشد الشعبي» لأسباب انتقامية أو بهدف إثارة فتنة طائفية لا سيما في المحافظات التي تعاني مشكلات طائفية مثل محافظة ديالى، قال الساعدي إن «من الواضح أن هناك من يحاول من الطرفين استغلال بعض الظروف من أجل زيادة الاحتقان وإثارة الفتنة الطائفية والمذهبية، وهو ما يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات حازمة وتفعيل القانون لكي يأخذ مجراه من منطلق أن مسؤولية الحكومة هي مسؤولية عامة على كل العراقيين»، مشيرا إلى أن «المرجعية الدينية تدعم بشدة مساعي تطبيق القانون». في السياق نفسه، كشف قائد عسكري عراقي ميداني في حديث لـ«الشرق الأوسط» معلومات في غاية الأهمية عن النتائج المترتبة على الممارسات المتعلقة بسرقة الممتلكات. وقال القائد العسكري، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه، إن «غالبية خسائرنا في الأرواح تأتي من طريقين؛ الأول هو عمليات القنص التي تنفرد بها جماعة (داعش) بالقياس إلى ما لدينا من قدرات، والثاني هو العبوات الناسفة، لا سيما في المنازل والدور التي غالبا ما يهجرها الدواعش بعد أن نقوم بتحريرها، وكثيرا ما يهرع الجنود إلى تلك المنازل بحثا عن أموال أو مصوغات ذهبية أو ممتلكات؛ الأمر الذي يؤدي بهم إما أن يقعوا ضحايا عمليات القنص، أو العبوات التي كثيرا ما تزرع في تلك البيوت». ويضيف القائد العسكري العراقي قائلا: «في إحدى معاركنا الكبيرة لم نقدم سوى بضعة جرحى في المواجهات العسكرية، رغم أن المنطقة التي قمنا بتحريرها كانت كبيرة، لكننا بعد الانتصار قدمنا 20 ضحية من الجنود وغالبيتهم من متطوعي (الحشد الشعبي) ممن هرعوا إلى البيوت المهجورة، فكان نصيبهم الموت بالقنص والعبوات الناسفة». ونفى القائد العسكري العراقي أن «تكون وراء عمليات النهب أو السلب، دوافع طائفية، بل هي فقط دوافع مالية ونفعية وفردية، إذ إننا وقيادات (الحشد) كثيرا ما نحث هؤلاء المقاتلين على عدم التورط في مثل هذه الأعمال، لأنها تحولت إلى أشبه ما تكون بمصائد مغفلين».