تخرجت من جامعة الملك سعود بالرياض (قسم الهندسة المدنية) في النصف الثاني من الثمانينيات القرن الماضي، تلك الحقبة التي تمثل السنوات العجاف بعد أن تهاوت فيها أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، واقتصرت موازنة الدولة نتيجة لذلك على الحدود الدنيا.. هكذا روى المهندس نبيه آل إبراهيم لـ«عكاظ الأسبوعية» قصته مع عالم المال والأعمال وكيف واجه العقبات والتحديات.. وأضاف: منتصف الثمانينات تقلصت الموازنة بشكل كبير نتيجة العوامل الاقتصادية التي ألقت بظلالها على المنطقة، وأوقفت الدولة اعتماد المشاريع وتوظيف المهندسين المدنيين وحتى الشركات الكبرى خطت كذلك بهذا الاتجاه، لذلك لم أجد بابا مفتوحا سوى القطاع الخاص وتحديدا المكاتب الهندسية المحلية. وأردف «تصادف آنذاك طفرة بناء في المنطقة الشرقية سببها نظام تملك البيوت في أرامكو السعودية الذي يتيح للموظف أخذ قرض وفقا لمرتبه لبناء فيلا سكنية، وكان وقتها عدد كبير من أبناء محافظة القطيف ممن ينطبق عليهم هذا النظام، مما أحدث رواجا طيبا للعمل الهندسي في المحافظة، فعملت في مكتب المهندس وديع المصطفى لفترة قصيرة من الزمن، وبعد أن أسس ابن عمي المهندس رياض آل إبراهيم مكتبه الخاص عملت معه مساعدا ومديرا للإدارة لفترة من الزمن عقبها افتتحت مكتبي الخاص في العام 1990 ميلادي». وزاد «واجهت عثرات كثيرة في بداية مشواري العملي فبمجرد افتتاحي مكتبي الخاص اندلعت أزمة الخليج بعد احتلال العراق للكويت، حيث تراجعت الحياة الاقتصادية لما تحت الصفر، وتوقف نشاط المكتب كلياً، وفي عام 1991م تلقيت اتصالا من مكتب شركة أرامكو السعودية يعرضون علىّ وظيفة مهندس مشاريع في ينبع وذلك بعد مدة من الزمن من وجود ملفي لديهم، ولم استمر طويلا هناك حيث انتقلت للعمل في رأس تنورة بعد ستة أشهر فقط، ولكن في الوقت نفسه لم أغلق مكتبي مستفيدا من النظام الموجود في الشركة الذي يقضي بالسماح بذلك بشرط ألا يتعارض مع العمل». وأقر آل إبراهيم بأنه عانى كثيرا وما زال يعاني، من الاستمرار في خطين متوازيين، وقال «أعمل في أرامكو السعودية في النهار، وصاحب مكتب هندسي استشاري في المساء، محاولاً التوفيق بين المسارين، وهذا يتطلب جهدا مضاعا، ويستمر دوامي أحياناً 16 ساعة، وعضويتي للمجلس البلدي زاد من مسؤولياتي وأحاول دائماً الفصل بين هذين العملين المختلفين كل الاختلاف». وأكد آل إبراهيم أن أي نجاح حقيقي يحتاج إلى تفرغ وتركيز، وإلا سيكون نصف نجاح في أحسن الظروف، مشيراً إلى عدم وجود كادر وظيفي يضع المهندس في المكان الصحيح من الناحية الوظيفية والمالية بما يتناسب وأهمية العمل الهندسي كمهنة وتأثير، يضاف إلى ذلك تدني قيمة العمل الهندسي من الناحية المالية، بخلاف ما هو قائم في العالم كله، فخارطة المشروع تقدر عندهم بـ 3 ـ 5 في المائة بينما لدينا لا تتجاوز 1 ـ 2 في الألف. مع أن خارطة أي منزل تحتاج الى أربعة مهندسين على الأقل في الظروف العادية.. هذا إضافة الى غياب كود البناء، الذي يعتبر مرجعا هاما للمهندسين في أعمال التصميم والإنشاء الذي قد تمت صياغته ولكن لم يتم اعتماده لطرحه وتطبيقه بعد.. وذكر آل إبراهيم، أن تصميم المباني يندرج تحت مسارين: المسار الأول التصميم المعماري الذي يحدد جودته قدرة المهندس في اتقانه لعملية التوازن بين أربعة مفاهيم (الوظيفة، الجمال، الخدمات، القدرة التمويلية).. والمسار الثاني التصميم الهندسي لعناصر المبنى الإنشائية والكهربائية والميكانيكية وغيرها، وتحدد جودته مدى الالتزام بالمعايير الهندسية والاشتراطات الفنية، وفقا لحسابات مدروسة لا افتراضات، ويكون متوازنا في تطبيق عوامل السلامة دون مبالغة أو تقصير.