×
محافظة تبوك

عام / أمير تبوك يعزِّي ذوي الموفيات في حادث طريق شرما

صورة الخبر

بدر الراشد لا شك أن وصف و..إلخ، مليء بالدلالات التي علينا بحثها قبل أن نستخدمه؛ لنرى مقدار مناسبته لاستخداماتنا وما نريد. مصطلح أصبح من أكثر المصطلحات إشكالاً أخيراً؛ بسبب تداخُل عوامل عدة، جعلته موقفاً سياسياً منحازاً، وتبني لسردية محددة، أكثر من كونه وصفاً للعنف السياسي، أو لحالة استخدام العنف ضد مدنيين؛ من أجل أهداف سياسية محلية أو دولية. عدم استخدام مصطلح لوصف حدثٍ ما، لا يعني الانحياز له، أو القبول به. فاستخدام العنف ضد المدنيين لأسباب سياسية يمكن أن يدان بطرق عدة، لا تشمل الوصف بـ، ومن ثم تبني موقف معين يُراد ترسيخه إعلامياً منذ ما يزيد على ثلاثة أو أربعة عقود. مصطلح يحيل في بداية الأمر إلى سردية أميركية محددة تخلط بين المقاومة المشروعة للمحتل، بقتل المدنيين لأهداف سياسية. وقد حدث هذا خلال عقود، إذ تم اعتبار المقاومة الفلسطينية المشروعة للمحتل الإسرائيلي إرهاباً من ستينات القرن الماضي، ولاحقاً اعتُبرت المقاومة العراقية للاحتلال الأميركي إرهاباً، في حين أن مقاومة الاحتلال أمر مشروع حتى في القوانين الدولية المنحازة، والتي كتبها الأقوى وفرضها على الآخرين. ففي السردية الأميركية ستُعتبر أي مناهضة للقوة الأميركية، وتدخلاتها في المنطقة، وهيمنتها . وسيُستخدم الوصف أداةً سياسية، تقرِّب مجموعات ومنظمات، وتُقصي أخرى. بالطريقة نفسها التي حاول الرئيس الأميركي جورج بوش الابن استخدام وصف محور الشر لوضع كوريا الشمالية وإيران والعراق في إطار واحد في مخيال المتلقي الأميركي، قبيل الحرب على العراق؛ تمهيداً للاحتلال. استُخدم مصطلح أداةَ عقاب ومكافأة من الدول الكبرى، فالمنظمات والحركات التي تخضع لإرادات القوى الكبرى تُبرَّأ ويُرفَع اسمها من قوائم . تلك القوائم التي يعني الوجود ضمنها حظراً على تحركات أشخاص، وحرماناً من أموال، وتهديداً بالاعتقال والمحاسبة، وتجريمَ التفاوض السياسي مع هذه المنظمة أو تلك. لذا تجد حرصاً إسرائيلياً على وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب؛ للاستفادة من هذا المصطلح. كما حدث مع روسيا لوصف قوى انفصالية في الشيشان تسعى لتحررها منذ ما يزيد على قرن من الزمان، أو الهند باستخدام المصطلح نفسه؛ لمواجهة الحركات الانفصالية في كشمير. فكل هذه الدول وغيرها حاولت استثمار المصطلح لمصالحها محاولة الاصطفاف في المحور الأميركي ورمي خصومهم في المحور الآخر المعادي. من الإشكالات الكبرى في مصطلح الإرهاب تجاهله عنفَ الدولة، فالعنف الإسرائيلي اليومي في حق الفلسطينيين لا يوصف بأنه عمليات إرهابية؛ لأنه صادر من حكومة يعترف بها القانون الدولي، بينما نحن أمام وقائع عدة تؤكد أن عنف الدولة اليوم لا يقارَن بعنف المنظمات التي توصف بالإرهابية. فبشار الأسد على سبيل المثال قَتَل وشرَّد وعذَّب من الشعب السوري أضعاف ما يمكن لأي منظمة أن تفعله. وإسرائيل وخلال عقود قَتَلت وانتَهكت ودمَّرت ما لا يمكن تخيل وجود منظمة قادرة على ارتكاب شيء مماثل. هذه القدرة التدميرية الهائلة التي تمتلكها الدولة الحديثة، وتسلط على رقاب الآخرين، تُعفى من وصف ؛ لمجرد صدورها من جهة معترف بها دولياً، وتمتلك القوة الإعلامية؛ لوضع في إطار مقبول دولياً. الطريف أو المفارقة أن غالباً ما جاء بحجة مواجهة . كما هي الحال في استخدام الولايات المتحدة للطائرات بدون طيار ، إذ تقتل هذه الطائرات آلاف المدنيين في الباكستان واليمن وغيرها من البلدان، وتقصف المدنيين في المآتم وحفلات الزواج؛ بحجة استهداف ؛ لتصبح أخلاق وسلوكيات من يريد مواجهة مساوية مع فارق مهم، وهو امتلاك قوة تدميرية غير محدودة. الأمر الأخير الذي أود الإشارة إليه في هذا السياق: محاول إلصاق وصف بالعرب والمسلمين، ولاسيما في وسائل الإعلام الأميركية. وهذا أمر قديم؛ إذ غالبا ما يُتَجنَّب استخدام وصف في سياق الحديث عن عمليات ارتكبتها منظماتٌ سياسية ذات خلفيات غير إسلامية، أو أشخاص لا يحملون سحنة شرق أوسطية. ويمكن رؤية هذا بشكل صارخ في مجال بعيد عن التجاذبات السياسية اليومية (كالأخبار والتصريحات السياسية)، وإنما في الأفلام السينمائية، حيث يُرسَّخ مصطلح الإرهاب في الحديث عن العرب والمسلمين كما يرى مراقبون لهوليوود -كجاك شاهين- في حين لا يُستخدم المصطلح لوصف الجرائم التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى العرق الأبيض على سبيل المثال. هنا يظهر مصطلح بأسوأ صوره، باعتباره مرتبطاً بصورة نمطية يُراد ترسيخها؛ لعرقة أو أتباع ديانة معينة. كل هذه العوامل تجعل استخدام مصطلح يشبه الدخول في حقل ألغام. فالمصطلحات ليست بريئة، ولا يمكن تناولها بعيدة عن سياقات استخدامها وتطورها. أصبح اليوم استخدام كلمة خضوعاً وانحيازاً للولايات المتحدة، وما تريد، أكثر من كونه استخداماً لكلمة تناسب وصف حدث أو منظمة، ويبدو أن مصطلح يفوق في إشكاله أياً من تلك المصطلحات التي راجت بعد الحرب العالمية الثانية. ويزداد الأمر خطورة كون سياقات استخدامته ارتبطت بالعرب والمسلمين، وهو ما يفرض حذراً مضاعفاً حياله. كاتب سعودي. الحياة