×
محافظة مكة المكرمة

ضبط اكثر من (32810) مخالف لأنظمة الاقامة والعمل بشرطة جدة‎

صورة الخبر

في كثير من المرات كانت الأسئلة تلاحقنا في الخارج البعيد بالمعتاد منها: من أين أنتم؟ أو أنت؟ وفي عدد منها لا يعرف السائل أين تقع السعودية إذا سمع اسم البلد. وكنت قد واجهتني كما واجهت غيري، ممن حكى لي، أسئلة إلحاقية من نوع: آه في دبي، أو قريب لدبي؟ بعضنا كان يستسلم لتلك المعارف المحدودة لأناس دفعهم حب الفضول إلى السؤال، لكن معارفهم الجغرافية والثقافية ضئيلة؛ وبعضنا الآخر يصحح للسائل، ويبين أن دبي أصلاً ليست بلداً، بل هي مدينة في الإمارات العربية المتحدة، ونوع ثالث ربما اكتفى بالضحك. لكن الأمور تغيرت حالياً؛ ففي حالات لم تكن قليلة فاجأني أناس في بلدان مختلفة بأنهم استبدلوا بدبي قطر. فما الذي جعل قطر على سبيل المثال وقبلها دبي تشتهران أكثر من بلد كبير مثل السعودية، أو آخر أقدم منهما نشأة في منظومة الخليج مثل الكويت؟ بالطبع البلدان التي على صلة بالثقافة الإسلامية لن تجهل السعودية، لكن بقية الشعوب الأخرى والبعيدة على وجه الخصوص، وحتى تلك التي لها علاقات اقتصادية وسياسية طيبة معنا، ربما جهل عدد كبير من أفرادها السعودية، ولم يعرفوا حتى من هم العرب. فكثير من البسطاء في شعوب بعيدة ربما ضم الإيرانيين والأتراك إلى المحيط العربي. ربما كانت شهرة دبي خلال عقد أو نيف من الزمان تعود إلى كونها محطة سياحية لكثير من المسافرين عبر العالم، ومقراً لشركات كثيرة كانت توظف أعداداً كبيرة من الناس من مختلف بلدان العالم، ولهؤلاء الموظفين أقارب وأصدقاء يتحدثون عن تجربتهم، فيصبحوا سفراء للتعريف بها. كما كان لطيران الإمارات أثر فيما أظن؛ فشركات الطيران الناجحة تنشر الاسم وشعار البلد الذي أتت منه وبعض الصور الإيجابية لذلك النجاح، خاصة أنها أيضاً قد استثمرت في شراء عقود رعاية أندية عالمية وملاعب معروفة على مستوى العالم في كرة القدم. وفي الآونة الأخيرة نافستها شركة الاتحاد في التعريف بإمارة "أبو ظبي" بعد استثمارها في عدد من الأندية الإنجليزية ونجاح شركة الطيران الظبيانية في تحقيق نصيب من سوق النقل الجوي المتزايد أهمية. أما قطر ففي ظني، أنه علاوة على نجاح الخطوط القطرية في الحصول على المركز الأول عالمياً متقدمة هذا العام على طيران الإمارات وكاثي باسيفيك، وهي أيضاً قد اشترت حقوق رعاية بعض الفرق العالمية في الدوري الإنجليزي والاسباني؛ فإن لقناة الجزيرة دوراً لا ينكر في التعريف بهذا البلد الصغير، خاصة بعد أن أنشأت قنوات بالإنجليزية، واشترت حقوق كثير من المسابقات الرياضية وبوجه خاص بعض الدوريات المهمة، ومسابقة كأس العالم لكرة القدم. كما أن لنجاح قطر في استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022م دوراً لا ينكر في التعريف بها، ونشر اسمها في محركات البحث على شبكة الانترنت. وكذلك لا يمكن إغفال الدور السياسي الذي لعبته قطر في السنوات الأخيرة، مما جعلها تتصدر الأخبار العالمية، إضافة إلى دور صناديقها السيادية في شراء عدد من الماركات العالمية في لندن ونيويورك، وبعض البلدان الأوربية المهمة في عالم الاقتصاد والموضة. فما الذي يجعلنا غير قادرين على صنع الاسم العالمي على غرار ما صنعته بعض المؤسسات الإماراتية والقطرية؟ طبعاً لن نتحدث عن الخطوط السعودية، لأنها لم تصنع سمعة طيبة لبلدها، لكن ماذا عن أرامكو وسابك وغيرهما من الشركات الناجحة؟. *أستاذ اللسانيات بجامعة الملك سعود