في ثاني حادثة من نوعها خلال يومين، تدخلت البحرية الإيطالية مساء أول من أمس لإنقاذ مئات المهاجرين وجدوا على متن سفينة شحن جانحة قبالة السواحل الجنوبية للبلاد. وأعلنت البحرية أمس أنها سيطرت على سفينة شحن تحمل اسم «عز الدين» ويبلغ طولها 73 مترا، وهي مسجلة في سيراليون. وقالت إن على السفينة نحو 450 شخصا بينهم نساء وأطفال. وكان خفر السواحل الإيطالي أبلغ سلاح الجو أنه رصد هذه السفينة المعدة لنقل الماشية مساء أول من أمس على بعد نحو 150 كيلومترا قبالة كروتوني جنوب إيطاليا. ولم ترد السفينة على اتصالات البحرية قبل أن تتمكن امرأة من بين المهاجرين من شرح الوضع عبر الراديو. وأفاد المتحدث باسم البحرية الكابتن فيليبو ماريني أن المرأة قالت: «نحن وحدنا. لا يوجد أحد. ساعدونا». وأضاف أن السفينة التي تركها ربانها وكانت خالية من الوقود كانت تجنح باتجاه الشاطئ حيث كان يمكن أن تصطدم بالصخور. وتم إنزال 6 بحارة على السفينة من مروحية عسكرية تمكنوا من السيطرة عليها. وصباحا كانت السفينة على بعد 20 ميلا من كروتوني، في كالابريا، وهي متجهة إلى الشاطئ. وقالت البحرية الإيطالية إن السفينة أبحرت من تركيا، لكن موقعا متخصصا في تعقب السفن قال إنها أبحرت من مرفأ فاماغوستا القبرصي بعد أن وصلته من مرفأ طرطوس في سوريا. وتأتي هذه المأساة بعد يومين على إنقاذ البحرية الإيطالية 768 مهاجرا غير شرعي غالبيتهم من السوريين كانوا على متن سفينة الشحن «بلو سكاي إم» التي ترفع العلم المولدافي، هجرها طاقمها وكانت الأمواج تتقاذفها في البحر الأدرياتيكي قبالة السواحل الإيطالية أيضا. وأكد خفر السواحل يومها أنه لو لم يتدخل عناصره ويوصلوا السفينة إلى بر الأمان في مرفأ غاليبولي في جنوب البلاد لكانت تحطمت حتما على الصخور. ووصلت تلك السفينة قبيل فجر الأربعاء إلى مرفأ غاليبولي جنوب شرقي إيطاليا حيث تولت السلطات الاهتمام بالمهاجرين. وتواجه إيطاليا منذ سنوات تدفقا متزايدا للمهاجرين الذين يحاولون الانتقال إلى أوروبا هربا من الأوضاع السيئة في بلدانهم. وبلغ عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا في عام 2014 أكثر من 160 ألفا، أي نحو 450 مهاجرا يوميا أكثر من نصفهم من السوريين والإريتريين. ويصل معظم المهاجرين بزوارق مطاطية أو سفن قديمة لصيد السمك تبحر من ليبيا التي عمتها الفوضى بعد سقوط نظام معمر القذافي، مما يسمح للمهربين بالعمل بحرية. لكن في الفترة الأخيرة، باتت تستخدم سفنا كبيرة تسمح بتكديس مئات المهاجرين غير القانونيين. ويبدو أن غالبية هذه السفن تبحر من تركيا. وفي 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنقذ خفر السواحل الإيطالي أمام سواحل صقلية نحو 800 مهاجر معظمهم سوريون كانوا في سفينة شحن تركها طاقمها بعد أن أطلقوا جهاز الملاحة الآلي. وكانت هذه السفينة التي يبلغ طولها 70 مترا والتي أبحرت من تركيا، على مسافة 100 ميل (185 كلم) من سواحل صقلية عندما أخطر المهاجرون الذين عجزوا عن السيطرة عليها، السلطات الإيطالية بوضعهم بواسطة هاتف خليوي عبر الأقمار الصناعية. وعملية التدخل الحديثة لن تكون الأخيرة على الأرجح في هذه الظاهرة المقلقة. فقد كشف حرس السواحل الإيطالي عن العثور خلال الأسابيع الماضية على نحو 10 سفن تجارية في حالة متهالكة أو معطلة محملة بالمهاجرين. وتدخلت البحرية الإيطالية كذلك هذا الأسبوع لإنقاذ ركاب عبارة الركاب «نورمان أتلانتيك» اندلع حريق على متنها وأودى بحياة 13 شخصا بالإضافة إلى عدد من المفقودين. وتم جر هيكل السفينة المحترق إلى مرفأ برنديزي صباح أمس حيث بدأ المحققون بتفحصها بحثا عن ضحايا محتملين علقوا بداخلها إثر الحريق الذي شب الأحد. ومع توالي هذه الكوارث، كشفت المنظمة الدولية لهجرة أمس، أن المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا يدفعون ما بين ألف إلى ألفي دولار للرحلة، وأن المهربين يحصلون على أكثر من مليون دولار من ركاب سفينة مثل سفينة الشحن «بلو سكاي إم» التي تركوها في عرض البحر. وقال متحدث باسم المنظمة ومقرها جنيف إن «المهربين باتوا يستخدمون سفنا كبيرة لنقل المهاجرين السريين وهذا يتيح لهم توفير الكثير من المال». وأضاف: «هناك مدن بأكملها تفرغ من سكانها في سوريا، وهذا يرفد سوق الهجرة السرية بآلاف من طالبي الهجرة كل شهر. لدينا معلومات بأن هؤلاء المهاجرين يدفعون بين ألف وألفي دولار عن كل شخص، وهذا يعني أن من استأجروا سفينة مثل (بلو سكاي إم) جنوا أكثر من مليون دولار لرحلة واحدة، وهذا يكفي لدفع أجرة الطاقم وإجلائهم وبالطبع رشى ستكون مفيدة لعملية مقبلة». وتوعد الاتحاد الأوروبي أمس بمحاربة المهربين الذين يتركون سفنا مكدسة بالمهاجرين في عرض البحر. وقالت المفوضية الأوروبية إنها «تتابع من كثب الأحداث المتعلقة» بسفينة الماشية التي تدخلت البحرية الإيطالية وأنقذت المهاجرين الذين كانوا على متنها أمس. وقال متحدث باسم المفوضية إن «إنقاذ بلو سكاي إم قبل يومين وعز الدين يبين أن المهربين يلجأون إلى أساليب جديدة لدخول الأراضي الأوروبية». ولتفادي مثل هذه الأحداث وحماية حياة المهاجرين، قال المتحدث إن «محاربة عمليات التهريب ستبقى أولوية على أجندة المفوضية بالنسبة للهجرة الشاملة في 2015». نظريا، تتولى عملية «تريتون» بإشراف هيئة الحدود الأوروبية (فرونتكس) مسؤولية مراقبة الشواطئ الجنوبية للاتحاد الأوروبي، لكن البحرية الإيطالية واصلت عمليا القيام بعمليات الإنقاذ رغم أنها أعلنت إنهاء عملية ماري نوستروم في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أن فشلت في إقناع حكومات الاتحاد الأوروبي بتمويلها.