×
محافظة جازان

وفاة أول سناتور أسود منتخب في الولايات المتحدة

صورة الخبر

لم تحقق السينما التونسية الكثير في موسم 2014 خصوصاً على مستوى الإنتاج النوعي، حيث مازال هذا القطاع يتخبط في معضلات عميقة على مستوى كتابة السيناريو وطرحه مضامين نمطية لا ترتقي إلى تطلعات الجماهير التونسية إلى جانب اعتماده شبه الكلي على دعم وزارة الثقافة التونسية والتمويلات الأجنبية التي تحمل في أغلب الأحيان وجهات نظر غربية للقضايا المحلية. ولم يشمل التميز في هذا الموسم إلا عدداً قليلاً من الأعمال السينمائية الشابة. أبرز حدث في هذه السنة والذي لوّن مشهد الفن السابع التونسي كان أيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والعشرين ( من 29 إلى 6 كانون الأول - ديسمبر 2014 ) دورة عرفت جدلاً على مستوى خياراتها في المسابقات الرسمية خصوصاً ضعف حضور الإنتاج التونسي في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، الذي اقتصر على فيلم واحد وهو «بيدون 2» للمخرج جيلاني السعدي رغم أن القانون المنظم للمهرجان يسمح بمشاركة أكثر من عمل لتونس (البلد المنظم). مهرجان للمراجعة هذه الخيارات استفزّت بعض الفاعلين في المجال السينمائي فنظموا مهرجاناً سينمائياً موازياً لعرض أعمال سينمائية تونسية حتى تتمكن من نيل فرصتها من المشاهدة والتقييم بعد محاولات لإقصائها - وفق اعتقادهم - من إدارة الدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية. واستياء بعض السينمائيين التونسيين لم يتوقف عند البرمجة والخيارات إذ حتى التتويجات لم ترق لجمع من هؤلاء الفنانين والنقاد إذ آلى أغلب الجوائز (التانيت الذهبي- جائزة أفضل سيناريو - جائزة لجنة التحكيم الشباب - جائزة الجمهور) للفيلم الفلسطيني «عمر» وهو عمل قديم على مستوى الإنتاج والعرض في مسابقة مهرجان دولي إذ سبق وأن برمج في مجموعة من المهرجانات الدولية قبل أن يرشح لأيام قرطاج السينمائية... وهي على اية حال حالة لازمت أغلب أعمال المسابقات الدولية على غرار فيلم «ذيب» الأردني وفيلم سهرة الافتتاح «تمبكتو» لعبد الرحمان سيساكو. لكن الدورة الخامسة والعشرين ورغم سلبياتها لم تمر من دون بعض النقاط المضيئة أهمها الجمهور التونسي، الذي ظل وافياً لعرسه السينمائي وحضر بكثافته المعهودة لجل العروض السينمائية خصوصاً التونسية منها والمبرمجة خارج المسابقة ضمن قسم بانوراما «الأفلام التونسية» معبّراً عن اشتياقه لسينما تعكس راهنه. وفي هذا السياق حظي فيلم المخرج التونسي نصر الدين السهيلي «مر وصبر» بإشادة الجمهور كما النقاد. وإلى هذا فإن قرار تنظيم أيام قرطاج السينمائية سنوياً بعد أن كانت بالتناوب مع أيام قرطاج المسرحية وذلك انطلاقاً من دورة 2014 أزاح بعض الكآبة عن السينمائيين التونسيين حيث ستسمح لهم الدورات السنوية بفرص أكبر لعرض أعمالهم وتحفّزهم على الإنتاج ودفع الحركية لمهرجان عريق يكاد يفقد بريقه في زحمة المهرجانات العربية التي صارت تفوقه بهرجاً وإشعاعاً. «باستاردو» الأفضل رغم تصوير مجموعة من الأفلام السينمائية الجديدة بين سنتي 2013 و2014 وعرض بعضها - فيما مازالت أخرى في طور المونتاج والمكساج - إلا أن التميز دولياً كان من نصيب فيلم السينمائي الشاب نجيب بالقاضي «باستاردو»، وهو عمل حصد عدداً مهماً من الجوائز الدولية على غرار الجائزة الأولى للأفلام الطويلة وجائزة أفضل ممثلة للبنى نعمان ضمن مسابقات مهرجان الإسكندرية السينمائي، إضافة لتتويجه بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم المتوسطي بتطوان المغربية وجائزتي أفضل فيلم وأفضل فيلم إفريقي في مهرجان فيلم إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية في مدينة ميلانو الإيطالية. كذلك فإن النجاح الدولي لشريط «باستاردو» رافقه إقبال جماهيري كبير في عروضه التجارية بتونس وضمن برمجة بانوراما الفيلم التونسي بأيام قرطاج السينمائية كذلك والتي نال جائزتين من جوائزها الموازية - مؤخراً - وهما جائزتا اتحاد التونسي للشغل الممنوحة لتقني الفن السابع و «تي.في 5 موند». و«باستاردو» حظي بتنويه كبير من قبل النقاد لتميز مخرجه في طرح واقع تونسي يعكس قضايا الفساد والفقر والتهميش في البلاد والتي كانت مؤججاً للثورة وذلك من خلال حكاية «محسن» الشاب اللقيط الذي تربى في احد الأحياء العشوائية منبوذاً غير أن تعاونه مع شبكة للهواتف غيرت مكانته الاجتماعية والمادية ما وضعه وجهاً لوجه مع منظومة اجتماعية يطغى عليها الفساد واستغلال النفوذ في صراع امتزجت فيه السلطة بالحب والجشع والرغبة في التغير. أما الفيلم البارز الثاني فكان «شلاط تونس» لكوثر بن هنية، التي تعتبر من أبرز مخرجات الموجة الجديدة للسينما التونسية، حيث توجت مؤخراً بالتانيت الذهبي للروائي القصير بفيلمها «يد اللوح» في أيام قرطاج السينمائية، وكانت قد تمكنت بفضل فيلمها الوثائقي «شلاط تونس» من احتلال مكانة مميزة بين أبناء جيلها من السينمائيين. فهذا الفيلم حقق الإشعاع للمخرجة التي مثلت من خلاله تونس في عدد مهم من المهرجانات الدولية وتوجت في أغلبها. وأبرز هذه الجوائز كانت جائزة «ألف» لأفضل فيلم وثائقي شرق أوسطي وأفضل إخراج بمهرجان بيروت السينمائي كما حصدت جائزة أفضل عمل أول في مهرجان نامور الدولي للأفلام الفرنكفونية «FIFF» ببلجيكا وجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان الجزائر. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي توجت بجائزة النقابة الفرنسية لنقاد السينما في المسابقة الدولية لمهرجان الفيلم بأميان «Amiens» كما سبق لكوثر بن هنية أن عرضت «شلاط تونس» في افتتاح برنامج جمعية الفيلم المستقل للتوزيع «ACID» بمهرجان كان السينمائي في دورة 2014. وعلى رغم أن الحصاد السينمائي لتونس لم يحمل الكثير من الإنتاجات الفنية كماً وكيفاً في سنة 2014 إلا أن تميز بعض المخرجين التونسيين الشباب على غرار نجيب بالقاضي وكوثر بن هنية ونصر الدين السهيلي، وترحيب النقاد والجماهير بأعمالهم يفتح باباً للحلم بسينما أرقى وأعمق مستقبلاً في تونس.