×
محافظة مكة المكرمة

إصابتان بكورونا في الطائف والدمام.. ولا وفيات

صورة الخبر

يمكن القول وبكل ثقة ودون تردد إن وزير التعليم العالي في المملكة هو أكثر المسؤولين في الدولة جمعاً للمناصب، وأعني بذلك أنه الوزير الذي يتولى أكبر عدد من المناصب الرسمية، وهذا الأمر لم يأت باختياره وإرادته وإنما جاء بموجب نظام مجلس التعليم العالي والجامعات الصادر في عام 1414. فوزير التعليم العالي هو رئيس مجلس أي جامعة حكومية في المملكة، والتي يبلغ عددها حتى الآن (25) جامعة، وهذا المنصب، وأعني - رئيس مجلس الجامعة - ليس منصبا فخرياًّ أو شرفياًّ وإنما هو منصب تنفيذي في جانب كبير منه، فالمادة (الثالثة عشرة) من نظام مجلس التعليم العالي تنص على أن: "يرأس وزير التعليم العالي مجلس كل جامعة، وهو المسؤول عن مراقبة تنفيذ سياسة الدولة التعليمية في مجال التعليم الجامعي، ومراقبة تطبيق هذا النظام ولوائحه في الجامعات الموجودة حالياًّ أو التي تنشأ فيما بعد، وترتبط به الجامعات التي يسري عليها هذا النظام وتخضع كل جامعة لإشرافه"، ومهام مجالس الجامعات المنصوص عليها في (المادة العشرين) من النظام ذاته، يصعب في هذه المساحة المحدودة إيرادها، فهي من الكثرة والتنوع بحيث تحتاج إلى هامش أوسع، ويكفي أن أورد النص التالي: "يتولى مجلس الجامعة تصريف الشؤون العلمية والإدارية والمالية، وتنفيذ السياسة العامة للجامعة"، وبحسب النظام نفسه فإن المجلس يجتمع مرة كل شهر على الأقل، مما يعني عملياًّ أن مجالس الجامعات في المملكة تعقد شهريا 25 جلسة بحد أدنى، وإذا افترضنا أن وزير التعليم العالي - بحسب النظام - سيحضر هذه الجلسات فإنه بحاجة إلى الترتيب لعقد ثلاث جلسات من مجموع الجلسات في الإجازة الأسبوعية، فأيام العمل في الشهر هي (22) يوماً، كما أن ذلك يعني أيضاً أن الوزير لن يستطيع المجيء إلى مكتبه في الوزارة، وسيضطر إلى التنقل يومياًّ من جامعة إلى جامعة أخرى في كافة أنحاء المملكة.. أردت من هذه المقدمة أن أبرهن على أن نظام الجامعات الحالي الذي صدر قبل أكثر من عشرين عاماً ليس فقط بحاجة إلى التغيير للوصول إلى جامعات محلية بمواصفات عالمية وإنما على الأقل للتماشي مع التوسع والمستجدات الحاصلة الآن في التعليم العالي في المملكة، ولعل تعيين د. خالد السبتي مؤخراً وزيرًا للتعليم العالي يمثل فرصة لإعادة وتجديد الطروحات حول ضرورة تطوير نظام الجامعات في المملكة، فمع تغيير أو تطوير هذا النظام يمكن إحداث نقلة نوعية في مستوى الجامعات السعودية، فالواقع يؤكد أن الجامعات المحلية تكاد تكون نسخة من بعضها البعض، وأن نقاط التنافس ومساحات التميز أمامها محدودة إن لم تكن معدومة، فالجامعات وبسبب من النظام الحالي محكومة بقيود إدارية لا تستطيع معها التميز والتفرد والسعي إلى تحقيق هوية علمية وتنظيمية مستقلة، ويذهب د. أحمد العيسى في كتابه الفريد (التعليم العالي في السعودية: رحلة البحث عن هوية) إلى القول: "إن التعليم العالي، رغم بعض إنجازاته واستفادته الجيدة من الطفرة الاقتصادية الأخيرة في السعودية، لايزال يحتاج إلى تقديم جامعات علمية منافسة في عالم اليوم، كما أن جامعاته مازالت متراجعة في التأثير في المجتمع والتنمية وتقدم الاقتصاد في البلد. والأصوات المتحدثة عن إنجازات التعليم العالي، والآراء التي ارتفعت حول أدائه لم تُلامس القضية الأساسية التي تمثل معيار النجاح الجوهري لهذا الأداء: مسألة استقلال الجامعات، ومعرفتها لهويتها ورسالتها وأهدافها". التعليم الجامعي في المملكة حاليا وبفضل التوسع في إنشاء الجامعات الجديدة من جهة، والإنفاق الضخم على البنية التحتية والمشاريع من جهة أخرى، لن يواجه أي مشكلة في قضية الطاقة الاستيعابية والقبول على المدى المتوسط وربما البعيد، لكن المعضلة التي تعاني منها الجامعات السعودية في الوقت الحالي هي معضلة النوعية والجودة والبحث العلمي والبيئة الأكاديمية والحرية العلمية، وهي أساس عمل الجامعات ومحك دورها التنموي والتنويري، والخطوة الأولى والحاسمة في هذه القضية هي في تطوير نظام الجامعات وتحريرها من الارتباط المباشر بوزارة التعليم العالي ومنحها الاستقلالية الكاملة في اتخاذ القرار، وإقرار الأنظمة واللوائح الخاصة بها، مما يساعدها في تبني المشاريع العلمية والمعرفية، والإسهام الحقيقي والفاعل في برامج التنمية والتحديث والتطوير.