أجهضت واشنطن أمس محاولة ولادة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي باستخدامها حق النقض، متذرعةً بأن تصويتها بالموافقة على إنهاء الاحتلال سيأتي على حق آخرين، في إشارة إلى تل أبيب التي أبدت أوساط سياسية داخلها ارتياحها للمساندة الأميركية في مجلس الأمن، فيما كانت المفاجأة الأكبر التي تلقاها العرب بمجلس الأمن هي امتناع نيجيريا عن التصويت رغم تعهدها بالتصويت لصالحه، إذ حرمت خطوة أبوجا المشروع من الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة. وفي خطوة رد مباشرة على مشروع العرقلة الأميركي أدخلت السلطة الفلسطينية استراتيجيتها الثانية حيز التنفيذ، الرامية إلى التوقيع على اتفاقيات ومعاهدات دولية. ووقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس على قرار الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية في اجتماع للقيادة الفلسطينية في أعقاب جلسة مجلس الأمن. وقال عباس في كلمة متلفزة "لسنا نحن من يحرج الولايات المتحدة، بل ما يزيدها عزلةً عن العالم هو دفاعها عن سياسات الكيان الإسرائيلي، واستعمالها لحق الفيتو عشرات المرات، حتى لا تعاقب تل أبيب على أفعالها". وأكد عباس أن إسرائيل دولةً لم تستفد من التحول الذي تشهده أوروبا، من مقاطعة لمنتجات المستوطنات، والاعترافات المتتالية بدولة فلسطين من قبل حكومات وبرلمانات سببها الأساس أن العالم ملّ الاحتلال "البغيض". دفع إفشال الولايات المتحدة الأميركية لمشروع القرار الفلسطيني-العربي لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بالقيادة الفلسطينية إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من استراتيجيتها، وهي توقيع صكوك الانضمام إلى معاهدات واتفاقات دولية. وفي هذا الصدد، فتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس الطريق أمام انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية، وذلك بتوقيعه على 20 اتفاقا دوليا منها صك الانضمام إلى معاهدة روما. جاء التوقيع خلال اجتماع للقيادة الفلسطينية الذي ضم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح، وقام تلفزيون فلسطين الرسمي بنقل توقيع عباس مباشرة على الهواء، بعد أن وافق أعضاء القيادة الفلسطينية الحاضرون بالاجماع على هذا التوقيع. وكان الرئيس الفلسطيني قد قال في كلمة متلفزة أمس: "لسنا نحن من يحرج أو يعزل الولايات المتحدة، بل ما يزيدها عزلة دفاعها عن سياسات إسرائيل واستعمالها لحق النقض "الفيتو" عشرات المرات في مجلس الأمن حتى لا تعاقب إسرائيل على أفعالها ومن الواضح أن حكومة تل أبيب لم تستوعب أو تتعظ من أن التحول الذي تشهده الساحة الأوروبية، من مقاطعة لمنتجات المستوطنات، والاعترافات المتتالية بدولة فلسطين من قبل الحكومات والبرلمانات، سببه الأساس أن العالم بأسره قد ملّ هذا الاحتلال البغيض، الاحتلال الوحيد الباقي والأطول في التاريخ الحديث". ومن جانبهم، أكد مسؤولون فلسطينيون أن امتناع نيجيريا، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، عن التصويت حرم مشروع القرار من الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة رغم تعهد نيجيريا للعرب والفلسطينيين بالتصويت لصالح مشروع القرار. فيما كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النقاب عن أنه أجرى أول من أمس اتصالا هاتفيا مع رئيس نيجيريا الذي وعده بعدم التصويت لصالح مشروع القرار "والتزم بكلمته". بالمقابل، فقد أبدى مسؤولون إسرائيليون ارتياحهم لفشل مشروع القرار الفلسطيني-العربي في الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة في مجلس الأمن الدولي. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان "إن فشل الفلسطينيين في تمرير مشروع قرارهم في مجلس الأمن الدولي يجب أن يعلّمهم حقيقة عدم تمخض الاستفزازات والمحاولات لفرض إجراءات أحادية على إسرائيل عن أي إنجاز بل بالعكس". وأضاف في بيان "إن استخفاف الفلسطينيين بأهم الدول الفاعلية على الساحة الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة مرده الدعم الذي يتلقونه من بعض الدول الأوروبية". إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أمس عن أن الحكومة استدعت السفير الفرنسي للاستفسار عن الدعم الفرنسي لمشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، الذي لم يتم إقراره أول من أمس. وقال المتحدث إيمانويل نحشون إن السفير الفرنسي باتريك ميزوناف سيزور مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية غدا.