لم تحتج الولايات المتحدة الأمريكية لاستعمال «الفيتو» لإسقاط مشروع القرار العربي الفلسطيني الذي يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، بعد أن تكفل أصحاب الضمائر التي لا تزال غائبة وأصحاب البصيرة العمياء التي لا تبصر ظلم الإسرائيلين والحيف الواقع على الفسطينيين المحرومين من حقوقهم المشروعة طوال أكثر من ستين عاماً، فقد حجب سبعة أعضاء أصواتهم ولم يحصل مشروع القرار الذي قدمته الأردن العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن الدولي إلا على ثمانية أصوات من خمسة عشر عضواً هم عدد أعضاء مجلس الأمن، وقد صوتت مع مشروع القرار ثلاث من الدول الدائمة العضوية، فرنسا وروسيا الاتحادية والصين، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت، وعارضت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها أستراليا، وهكذا لم يستطع مقدموا مشروع القرار سوى حصد ثماني دول أيدوا المشروع، ليسقط دون الحاجة لاستعمال «الفيتو» الذي كانت أمريكا قد هددت باستعماله فيما لو حصل على تأييد تسع دول. وبعد فشل التحرك نحو مجلس الأمن الدولي والعمل على تدويل القضية الفلسطينية وإنهاء احتكار الولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت 99 بالمائة من أوراق الحل في السلة الإسرائلية، وفشل كل ما أرادت تسويقه للمسلمين والعرب والفلسطينيين باقتطاع «وطن عربي» لليهود، أصبح على الفلسطينيين أن يعملوا شيئاً ويتحركوا لجلب أصحاب الضمائر الحية الذين استيقظ منهم الأوربيون. أخيراً، وبما أن آخر العلاج الكي، فإنه لم يتبق أمام الفلسطيين إلا العمل بكل السبل لاستعادة حقوقهم حتى وإن مانعت واشنطن، وأمام الفلسطينيين خطوة طال انتظارها وهي الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية و15 اتفاقية دولية أخرى، فبعد فشل المراهنة بالتوجه إلى الأمم المتحدة بعد أن خذلت نيجيريا العضو الإفريقي الذي يشكل المسلمون فيها أغلبية، وتصوت ضد مشروع القرار الذي ساندته فرنسا ولوكسمبرج العضوان الأوربيان فيما يتراجع النيجيريون المحسوبون على دول عدم الانحياز والأقرب للعرب، إلا أن الضغوط الإسرائيلية والأمريكية أقوى من «الوفاء» عند النيجيريين، ولهذا لم يبق أمام الفلسطينيين إلا القيام بخطوات إيجابية للرد على الفشل وكسر لمحاولات تضييع القضية الفلسطينية، فالانضمام إلى محكمة لاهاي بالإضافة إلى 15 اتفاقية دولية أخرى سيمكن الفلسطينيين من ملاحقة المسؤوليين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة التي شنت ثلاث حروب مدمرة في ستة أعوام، إضافة إلى ملاحقة التجاوزات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة من قتل للفلسطينيين ومصادرة منازلهم وتدمير مزارعهم، كما أن لدى السلطة الفلسطينية سلاحاً لا تردد عن استعماله وهو التنازل عن إدارة الأراضي الفلسيطينة التي استباحتها إسرائيل وتحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية إدارة الأراضي الفلسطينية كسلطة احتلال وهو لا تريده إسرائيل وحليفتها أمريكا؛ إذ يحيل الأراضي المحتلة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة كأرض محتلة.