كشف معهد التمويل الدولي أن الأسواق الناشئة شهدت أول نزوح صاف للأموال الأجنبية خلال 18 شهرا في كانون الأول (ديسمبر) مع هبوط أسعار النفط وتزايد العزوف عن المخاطرة وتوقع المستثمرين رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. ونقلت "رويترز"، عن المعهد الذي يتخذ من واشنطن مقرا له في تقريره الشهري أن تدفقات الأموال الخارجة من تلك الأسواق بلغت 11.5 مليار دولار مع تراجع الاستثمار في السندات 7.8 مليار دولار وتخارجات من الأسهم بلغت 3.7 مليار دولار. ويعد ذلك أكبر نزوح للأموال منذ حزيران (يونيو) 2013 حينما فوجئت الأسواق بتلميحات مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) باحتمال تقليص تدفقات الأموال الرخيصة التي يضخها المستثمرون في أصول مرتفعة العائد في الأسواق الناشئة. وقال روبن كويبكي المختص الاقتصادي لدى معهد التمويل الدولي الذي شارك في إعداد التقرير الذي نشر أمس "إنه يبدو أن معنويات المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة تضررت بشكل كبير في الأسابيع القليلة الماضية"، مضيفاً أن "ضعف التدفقات يعكس على الأرجح تنامي العزوف عن المخاطرة بشكل عام في ضوء أزمة العملة الروسية والانخفاض الملحوظ في أسعار النفط". وكانت الأسواق الناشئة في أوروبا هي الأشد تضررا تليها أسواق إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وشهدت آسيا فقط دخول تدفقات محدودة بوجه عام حيث طغت مشتريات الأجانب للسندات الهندية على تقلص الأموال المستثمرة في الأسهم. وتوقع غالبية المختصين الاقتصاديين أن يقوم "المركزي الأمريكي" برفع أسعار الفائدة من قرب الصفر في الربع الثاني من العام المقبل وهو ما سيجعل جمع الأموال عبر إصدار سندات مقومة بالدولار أكثر تكلفة على الدول الناشئة. وتسبب هبوط أسعار النفط نحو 50 في المائة هذا العام في إلحاق ضرر بالغ بروسيا المصدرة للنفط والغاز وخسارة عملتها الروبل نحو 43 في المائة من قيمتها أمام الدولار. وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قدر معهد التمويل الدولي أن يصل إجمالي تدفقات رؤوس الأموال الخاصة إلى الأسواق الناشئة إلى 1.162 تريليون دولار في 2014 وإلى 1.158 تريليون دولار في 2015. وكانت بيانات جمعها مركز دراسات متخصص في لندن أظهرت أن الأسواق الناشئة حققت أداء سلبيا خلال الفترة الماضية، وهو ما يشعل المخاوف مجدداً من أن تؤثر في مستقبل الاقتصاد العالمي، أو تقود العالم إلى ركود جديد كذلك الذي أعقب انهيار مصرف "ليمان براذرز" الأمريكي في عام 2008. وأظهرت بيانات مجمعة لواحد من أكبر مراكز البحوث الاقتصادية في العالم أن أكبر 19 اقتصاداً ناشئاً أظهرت تباطؤاً إلى مستويات قياسية في عديد من القطاعات، بما يغذي المخاوف من أن ينزلق العالم مجدداً إلى أزمة اقتصادية، خاصة أن الأسواق الناشئة تسببت قبل شهور في أزمة على مستوى العالم طالت عديدا من العملات وأدت بها إلى خسائر حادة، كما هو الحال بالنسبة للعملة التركية التي منيت بخسائر كبيرة عندما شهدت الأسواق الناشئة موجة هبوط قبل عدة شهور. وبحسب البيانات التي جمعها مركز "كابيتال إيكونوميكس" للبحوث الاقتصادية في لندن فإن الناتج الصناعي للاقتصادات الناشئة خلال شهر أغسطس الماضي، وكذلك الإنفاق الاستهلاكي في الربع الثاني من العام الحالي 2014 هبطا إلى أدنى المستويات منذ عام 2009، وهو ما يشير إلى أن المزاج الاقتصادي والإنتاجي في الأسواق الناشئة عاد إلى المستويات التي تلت الأزمة الاقتصادية العالمية مباشرة. كما تظهر البيانات هبوطاً في النمو في الصادرات التي تشكل جزءاً أساسياً ومهماً من اقتصادات الدول الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل وتركيا، وقال المركز "إن هذه المؤشرات السلبية التي تظهر تباطؤاً اقتصادياً لدى هذه الدول تبعث على القلق من نمو الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة".