المفصل «الغائب» في قضايا تحتل واجهة الاهتمام والإعلام هو شح المعلومات الرسمية مع بطء وتأخر في نشر الجديد منها، ولا تختلف قضية مؤلمة أريقت فيها الدماء مثل مطاردة أفراد الهيئة التي توفي فيها شاب جراء سقوط سيارته من أعلى النفق، ونقل شقيقه إلى العناية المركزة، لا تختلف عن قضايا مشابهة في عدم تقديم المعلومات للرأي العام في وقت باكر، وإن كان هناك من يستثمر الوقت في ذلك فهو يخطئ! المسألة لا تنحصر في النتائج النهائية للتحقيقات فقط، فهي قد تحتاج بعض الوقت، لكن هذا لا يقلل من قيمة إعلان تطور نتائج التحقيقات أولاً بأول، فهذا مما يخفف فرص التجاذبات المتبادلة وشحن النفوس، فيتحول الأمر إلى جدل تضيع حقوق الإنسان فيه، وهو وإن تمّ من فئات محدودة، فلا شك في أن أثره سينسحب على العموم. تتراجع قيمة المعلومات الرسمية حين يتأخر نشرها، ويضعف أثرها ولا تبقى في الذاكرة إلا روابط ضعف الاهتمام بقيمة الإنسان، والأصل رفع قيمة حقوق الإنسان والتزام جهات الضبط الرسمية بها، فهي وأفرادها أولى بالتطبيق لأنها لا تمثل أشخاصها بل تمثل جهازاً رسمياً وفق القانون الذي وضع للحماية أساساً، لا للترويع أو فتح المجال لسوء استغلال السلطة، وفي المشهد نفسه - أي قضية تعامل الأجهزة الرسمية مع الإنسان - يبرز المقطع الذي انتشر عن رجال أمن قيل إنهم من شرطة تبوك يصعق أحدهم مواطناً بصاعق كهربائي على رغم أن الأخير ملقى على الأرض، ولا يعرف تاريخ أو ملابسات المقطع، وأين وممن وقع، إلا أن التجاوز فيه واضح بزي رسمي. وسوء استخدام السلطة وشخصنة الأمور عند أي احتكاك حقيقة واقعة، وهو من الفساد الذي تجب مواجهته من دون تردد ومن دون أن تجرفنا عواطف أو تجاذبات هنا أو هناك، أما ما يخص «هيئة الأمر بالمعروف» فالمفترض - البسيط والصعب في آن معاً - إعلان نظام واضح لا لبس فيه لحدود صلاحيات أفرادها في مقابل حقوق أفراد المجتمع، مع ضرورة تمييزهم عن غيرهم من المدنيين بزي أو لباس. www.asuwayed.com asuwayed@