عاد إمام وخطيب مسجد أبو الأنوار في مدينة طرابلس شمال لبنان، الشيخ وسام المصري إلى دائرة الأضواء حاملا مطالب تنظيم داعش للإفراج عن العسكريين اللبنانيين المختطفين منذ أغسطس (آب) الماضي، مما أثار استغراب أهاليهم الذين كانوا يعولون على وساطة يقودها نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي. ونقل المصري يوم أمس الثلاثاء إلى أهالي العسكريين الموجودين بشكل دائم في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، «غضب» عناصر «داعش» الذين أكدوا له أن «معركتهم ليست مع الجيش اللبناني ولا مع الحكومة، إنما مع (حزب الله) الذي يتدخل في شؤونهم ويقتل أطفالهم». ووضع «داعش» 3 شروط للإفراج عن العسكريين، مطالبا أولا بتأمين اللاجئين السوريين من اعتداءات «حزب الله»، من خلال إقامة منطقة منزوعة السلاح، تمتد من وادي حميد مرورا بجرد الطفيل وصولا إلى عرسال. كما اشترط إنشاء مستشفى متطور من أجل علاج المصابين والمرضى، بالإضافة إلى مستودع من الأدوية. وطالب التنظيم بإطلاق سراح جميع النساء المسلمات المعتقلات في لبنان لأسباب تتعلق بالملف السوري، وبالتحديد سجى الدليمي طليقة زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، وعلا العقيلي زوجة أبو علي الشيشاني أحد قادة «جبهة النصرة». ونقل المصري تعهدا من التنظيم بعدم «قتل أو إيذاء أي جندي لبناني طوال فترة المفاوضات، مقابل عدم إغلاق معبر وادي حميد، وإلا تعرض العسكريون للأذى». وساد الاستغراب في صفوف أهالي العسكريين الذين كانوا قد تحدثوا بوقت سابق عن رفض «داعش» وساطة المصري وقبوله بوساطة الفليطي. وطالب الناطق باسم الأهالي الشيخ عمر حيدر، «داعش» بإصدار بيان رسمي يسمي فيه اسم المفاوض المباشر في الملف. وقال حيدر في مؤتمر صحافي: «نشجع كل إنسان يريد حل قضية أبنائنا ولكن بعد تكليف رسمي من (داعش) وجبهة النصرة». ورفض نائب رئيس بلدية عرسال في اتصال مع «الشرق الأوسط» التعليق على عودة المصري لساحة التفاوض، أو حتى تأكيد أو نفي مضيه بمهامه التي انطلق بها قبل نحو أسبوع بتوكيل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومباركة رسمية لدوره من قبل الأهالي ووزيري العدل والداخلية. وكشف الفليطي بوقت سابق أنه حمل مطالب «داعش» للجهات اللبنانية المعنية وينتظر الرد عليها. يذكر أن المصري شيخ سلفي، سبق له أن تولى إمامة مسجد القبة ومسجد السنة والإحسان في طرابلس، كما شغل منصب المشرف العام على وقف التراث الإسلامي الكويتي في طرابلس. وكان من بين المشايخ الذين انتسبوا إلى «اللقاء السلفي» المعتدل والذي وقع ورقة تفاهم مع «حزب الله». أما اليوم، فهو إمام وخطيب مسجد أبو الأنوار بسوق الذهب في طرابلس. وكان الجيش اللبناني أوقف قبل نحو أسبوعين الشيخ حسام الغالي، الذي وكلته «هيئة العلماء المسلمين» التفاوض مع الخاطفين، في جرود عرسال أثناء انتقاله إلى مكان احتجاز العسكريين، في وقت لم تقرر الحكومة حتى الساعة توكيل أي وسيط رسمي من قبلها. وتراجعت يوم أمس الثلاثاء الاحتجاجات على القرارات الأخيرة التي اتخذها الجيش والتي ستفرض مطلع العام الجديد تشديدا بالإجراءات الأمنية المتبعة في المنطقة الجردية في بلدة عرسال الحدودية الواقعة شرقي البلاد. وستفرض القرارات الجديدة منع عبور أي مواطن لبناني أو سوري، باتجاه جرود عرسال أو العكس، عبر حاجز وادي حميد، دون حصوله على تصريح مسبق من الاستخبارات، وهو ما سيعطل برأي أهالي عرسال أعمالهم، خصوصا أن قسما كبيرا منهم يمتلك مقالع للحجر وللصخر ومناشر الخشب في الجرد، وحتى أن عددا منهم أنشئوا عشرات المنازل والبيوت السكنية هناك. وكشفت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» عن إمكانية استحداث مكتب لمخابرات الجيش في عرسال متخصص بإصدار هذه التصاريح، مما قد يشكل حلا للأزمة التي نشأت أخيرا ودفعت أهالي البلدة لقطع الطرقات، الأمر الذي أدى لأكثر من مواجهة محدودة مع الجيش سقط على أثرها جرحى. واستبعدت المصادر أن يقدم «داعش» على أي هجوم مماثل كالذي تم في أغسطس الماضي بمحاولة للسيطرة على عرسال وأدى لاختطاف العسكريين، لافتة إلى أنه «لو كان التنظيم قادرا على القيام بعملية مماثلة ويضمن نجاحها لقام بها منذ فترة».