في حين كل الصرخات تأتي مخنوقة من أرض الشام؛ ترصد الروائية السورية هيفاء بيطار حالة من الضحك العلني على الشعب السوري الشقيق فما رُفعت الأقلام ولا جفت الصحف فهناك من يرصد حماقات النظام المستبد الذي صور للناس حقيقة الثورة في شكل مؤامرة وأحرق علناً الدليل المتمثل في أكوام حبوب الهلوسة المغلفة بشعار قناة الجزيرة!!. هيفاء بيطار الروائية الجزلة في إنتاجها الأدبي لم تبخل على قرائها في تبيان حقيقة الحدث فرصد قلمها المكلوم صرخات الأمهات وأنين المعتقلين وهلع الشوارع وجوع الأطفال وصوت البنادق تماماً مثلما كانت ترصد في جماليات رواياتها صوت البحر وحبات ماء المطر وقصص العشق وأجواء المقاهي في مدينتها اللاذقية الحالمة؛ توسعت ثورة الربيع ودخلت أطراف انتهازية تحلم بالتمكين ورفع حديثو السن الرايات السود لدولة الخلافة المزعومة وتعالى الأنين وتكاثرت أشلاء الجثث وتعطلت كل الحلول بين العواصم التي تقاسمت صناعة المشهد بين داعم ورافض لاستمرار النظام الذي تمادى في غش شعبه وتصوير الحدث في شكل مؤامرات تصاغ بعقلية سينمائية حالمة كما تشير الروائية بيطار في سلسلة مقالاتها التي شكلت تحولاً في نظرتها للحدث السوري المؤلم فقد كانت تنتقد في مقالها «أشكال الجنون» حقيقة المتحولين صوب الثورة بعد جني الثروات والحديث من على مقاعد المقاهي الباريسية عن حلم الانتصار وفي جيوبهم الكثير من المال ووثائق اللجوء بعيداً عن أتون المعركة ومعاناة الأطفال ونحيب الثكالى بينما في مقال المؤامرة الأخير يجدد قلمها النحيب بصوت رفيع على الوضع السوري الذي تسبب فيه النظام وتخبطه لتنزع عن عينيها كما يبدو في سطور المقالة غبش النظرة والأمل في إصلاح النظام وحاله المأزوم لتؤكد أن المؤامرة شيء من خيال الساسة وحلم التشبث بالسلطة ببث الشفافية المغشوشة بالدسائس وصناعة الاصطفاف حول نظام يمتهن صنوف الاعتقال وصناعة الخوف وتكتيم الأفواه وارتهان الوطن ومقدراته للمخططات المضرة بمصالح الأمة ومستقبلها, فالتحول في قناعة الكاتبة بيطار تمليه ظروف المشهد المشبع بصور الألم والمعاناة للشعب ولكل سوريا التي ذهبت نهباً للنزاعات التاريخية بكل صنوفها وظهرت القوى الانتهازية «كل حزب بما لديهم فرحون» دون أن تلوح أي انفراجات أو حلول في الأفق رغم كثافة الحشود وتوالي المؤتمرات حيث توسعت معادلة الأزمة بظهور معطيات جديدة بينما الشعب السوري بكل مصنفاته يعيش لوعة ممتدة من مارس 2011م ليظل الحدث اليومي وتصفية الأرواح مجيراً للمجهول كما قالت تلك الأم اللاذقية في مشفى المدينة «في سبيل من عُطب ابني» ولنقل معها جميعاً في سبيل من عُطبت الشام وغدت سوريا التاريخ نهباً للنزاعات والتصفيات الإقليمية والدولية يدفع شعبها ثمن النعرات والخلافات الدولية وهو ما يدعو صوت العقل السوري تحديداً كما تنشده بيطار في كتاباتها ليقول القول الفصل إن كان في الوقت متسع بعد أن مس الجميع الموت والضر والخوف فلا بد من إعادة الحسابات داخل سوريا وخارجها لتلافي ما يمكن من فظاعات الحدث المستطير فالثورة السورية أخذت أبعاداً غير مثيلاتها من الثورات العربية والتاريخية ولن يقدم النظام هناك أي تنازلات طالما ظلت للحسابات الدولية مصالحها التي تُغذي خلسة الانتهازيين وفظاعة النظام وتعامله الشرس مع بقايا شعبه. تعتقد بيطار كما نعتقد معها أن قوى الشعب السوري التي يتاجر بعضها بالثورة أو بضدها في مقاهي باريس وغيرها جديرون بصناعة الحل والتأثير العالمي لو ابتغوا لوطنهم الخير ولشعبهم السلام دون أن تكون النظرة لمكتسباتهم الشخصية فقط.