تنطلق فلسفة العمل التطوّعي من مبدأ التكافل والتعاون المجتمعي الذي يصبّ في النواحي الإنسانية والاجتماعية والصحية والاقتصادية وغيرها، وحتى تتحقق رؤى وأهداف المؤسسات التطوعية في المملكة كان لابد لها من الدعم والمساندة من جميع أفراد المجتمع، ولا يتم ذلك إلا بإقناعهم بجدوى وأهمية وفائدة العمل التطوعي للمجتمع وللوطن على حد سواء، ومسألة الإقناع مرتبطة بتغيير ثقافة المجتمع وإبراز دور العمل التطوعي وأثره الإيجابي على المجتمع سواء للمتطوع أو للمستفيد، ومن هنا يأتي الدور المهم والفاعل لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي يهدف في إحدى استراتيجياته إلى تحقيق الوحدة الوطنية والمصلحة العامة للجميع، ويظهر دعم العمل التطوعي في برامج الحوار الوطني من خلال تعزيز انتماء أفراد المجتمع للوطن وصقل مهاراتهم وتنمية قدراتهم واستثمارها، وأيضاً التأكيد على أن المساهمة في الأعمال التطوعية تعتبر صورة بارزة من صور الانتماء للوطن، ولا يقف المركز عند هذا الحد فقط بل نجده مشاركا في اليوم العالمي للتطوع، أو مؤتمر تعزيز ثقافة الحوار والتطوع بالتعاون مع اليونسكو خلال العام الماضي وغيرها. وقد ركّز مركز الحوار اهتمامه على فئة الشباب التي تقع عليها مسؤولية العمل التطوعي بل وحتى نجاحه، فمن خلال هذه الخدمات التطوعية المبنية على البذل والعطاء التي يقدمها الشاب أو الشابة للوطن يتحتّم عليهم العمل تحت مظلة الحوار التي يتحقق فيها تعزيز الانتماء وتحقيق مبدأ الجماعية الإيجابية ورفع مستوى التفكير وتبادل الخبرات. ومن خلال علاقتي بمركز الحوار كأحد المدربين فيه أتمنى أن تتسع دائرة هذه الشراكة المجتمعية للمركز في تبنّيه حملة أو برامج توعوية وتثقيفية يستهدف بها جميع أفراد المجتمع من خلال المؤسسات التربوية كالمدارس والجامعات ومراكز الأحياء الاجتماعية وباقي مؤسسات الدولة، بحيث تتركز أهدافه بشكل مباشر على التعريف بالعمل التطوعي وبأهميته وإبراز خصائصه وبناء مبادئه لدى الجميع خاصة أن ديننا الإسلامي يعتبر الأعمال التطوعية من سننه التي حث عليها، وبيّن الأجر لمن بادر فيها وطبقها، فالمجتمع جاهز ضمنيا ولكنه يحتاج إلى مَن يضع له بذرة المبادرة وفق أسس وضوابط محددة ومنظمة له خاصة شباب الوطن.