دخلت سوق الأسهم السعودية، خلال تعاملاتها يوم أمس الثلاثاء، في مرحلة جني أرباح حادة، جاء ذلك كرد فعل متوقع للارتفاعات الكبرى التي حققها مؤشر السوق خلال الأيام القليلة الماضية من عند أدنى مستوى جرى تحقيقه منذ نحو أسبوعين، بالإضافة إلى تأثر تعاملات السوق بالانخفاض الجديد الذي شهدته أسعار النفط. وفي السياق ذاته، أنهى مؤشر سوق الأسهم السعودية جلسة يوم أمس الثلاثاء على تراجع تبلغ نسبته 4.2 في المائة، دون حاجز 8500 نقطة، ليغلق بذلك عند مستويات 8487 نقطة، من خلال خسائر يبلغ حجمها نحو 369 نقطة، بتداولات بلغت قيمتها نحو 9.5 مليار ريال (2.53 مليار دولار). وجاءت التراجعات الحادة يوم أمس، تزامنا مع هبوط أسعار النفط لأدنى مستوياتها في 5 سنوات ونصف السنة، حيث جرى تداول سعر خام برنت يوم أمس دون مستوى 57 دولارا للبرميل، وهو التراجع الذي أثر سلبا على أسواق المال الخليجية بأكملها، التي أغلقت على تراجعات متفاوتة. وفي الإطار ذاته، شهدت تعاملات سوق الأسهم السعودية، يوم أمس الثلاثاء، تراجعا شبه جماعي للأسهم المتداولة بنسب متفاوتة، تقدمتها الأسهم القيادية، حيث تراجع سعر سهم شركة «سابك»، و«مصرف الراجحي»، و«البنك الأهلي التجاري» بأكثر من 3 في المائة. وأغلقت أسهم كل من «موبايلي» و«بنك الرياض» و«سامبا» و«مصرف الإنماء» على تراجعات تتراوح نسبتها بين 3 و7 في المائة، كما سجلت أسهم عدة تراجعا بالنسبة القصوى أو قريبا منها، في حين عاكس اتجاه السوق أسهم 3 شركات فقط، هي كل من شركة «الأبحاث والتسويق»، و«الاتحاد التجاري»، و«الخليج للتدريب». ويأتي هذا الأداء السلبي الذي شهدته تعاملات سوق الأسهم السعودية يوم أمس الثلاثاء، في وقت بدأت فيه معدلات ثقة المتداولين في السوق المالية المحلية تتراجع، عقب خسارتها نحو 4 آلاف نقطة خلال 3 أشهر فقط من أعلى مستوى جرى تحقيقه خلال عام 2014. وتعليقا على هذه التطورات، أكد فهد المشاري الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن إغلاق مؤشر سوق الأسهم السعودية فوق مستويات 8400 نقطة مع الإغلاق السنوي اليوم الأربعاء، سيعطي تعاملات 2015 فرصة جيدة لتحقيق مزيد من الارتفاعات. وقال المشاري خلال حديثه «هذه التوقعات من الممكن نجاحها، في حال تجاوز خام برنت خلال الأيام القليلة المقبلة مستويات 60 دولارا مجددا، كما أن النتائج المالية للشركات المدرجة في الربع الأخير من عام 2014. ستلعب دورا بارزا في تداولات سوق الأسهم السعودية خلال الربع الأول من العام الجديد 2015». وتأتي هذه التطورات، في وقت علمت فيه «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، الأسبوع المنصرم، أن السعودية اقتربت من حسم نظام الشركات الجديد، في أول تغيير رسمي لهذا النظام منذ نحو 50 عاما، وسط تقارب لوجهات النظر خلال الفترة الأخيرة بين كل من وزارة التجارة والصناعة، وهيئة السوق المالية. وكشفت المصادر ذاتها أن النظام الجديد سيزيل تنازع الاختصاصات الحالي بين كل من وزارة التجارة وهيئة السوق المالية، حيث اقتربت هاتان الجهتان من رسم الملامح النهائية لهذا النظام، وسط متابعة مستمرة من قبل هيئة الخبراء في مجلس الوزراء السعودي، بعد أن تداوله مجلس الشورى في البلاد في وقت سابق. وأوضحت المصادر ذاتها أنه لا يوجد جدول زمني محدد لبدء العمل وفقا لنظام الشركات السعودي الجديد، وقالت لـ«الشرق الأوسط» في السياق ذاته «هنالك بوادر تلوح في الأفق حول قرب اعتماد هذا النظام، ومن أهم ملامح النظام الجديد إمكانية تعديل سعر القيمة الاسمية لأسهم الشركات، وتخفيض الاشتراطات لرؤوس أموال الشركات حديثة التأسيس، وعقد الجمعية العمومية الثانية في نفس وقت وزمان الجمعية العمومية الأولى في حال التعثر، وذلك لاستثمار الوقت فيما هو مفيد للشركات ومساهميها». وتعليقا على هذه التطورات، أكد إبراهيم الناصري، وهو مختص قانوني، تحدث لـ«الشرق الأوسط» حينها، أن «نظام الشركات السعودي أصبح بحاجة ملحة للتعديل»، وقال: «النظام الحالي مضى عليه أكثر من 50 عاما، ويعتبر هذا الأمر مزعجا في ظل تغير الظروف الزمانية والاقتصادية». وبيّن الناصري أن «النظام الجديد في حال إقراره سيزيد من نمو القطاع الخاص في البلاد»، مشيرا إلى أن «نمو الاقتصاد السعودي وتطوره من حين لآخر، يحتاج إلى أنظمة جديدة تستطيع مواكبة هذه التغيرات، ولعل نظام الشركات السعودي من أهم الأنظمة الاقتصادية التي يترقبها الكثيرون».