قبل 13 شهرا كتب يقول: بفضل من الله تم إنهاء عشي الصغير الذي استغرق بناؤه سنتين ولله الحمد ويبقى "الفانوس" المضيء في العش.. ياسلاااااام". وقال موضحا لأحد أصدقائه "أنا ما أبني قفصا، القفص حديد، أنا أبني عشا". وسرعان ما دعانا إلى احتفاله بمناسبة "الفانوس" الذي أضاء العش. أنهى "مترك القحطاني" الثانوية والتحق جنديا بالبحرية ومنتسبا إلى الجامعة، وكثيرا ما أجّل اختباراته فيها لأجل عيون دراجته النارية التي جعلت قلب أمه خوفا دائما وقلقا لا ينتهي. بين أصدقائه في العائلة هو سُكّر الجلسة وفرصة الضحك، يتهمونه بالصبي البطيء الفهم، وهو لأجل سعادتهم يلعب الدور كاملا، فاللحظات التي كانت تجمعه بهم قليلة، وهو يتعمد أن يذهب بهم إلى أقصاها، تاركا أثره الطفولي في أعماقهم. ما كانوا يعرفون، حتى نحن عائلته، أن على الجانب الآخر منه قصة أذكى. عرفت من صفحته على "فيسبوك" التي بدأها بكلمة واحدة "السلام" أن من نظنه "الصبي البطيء الفهم" قد طاف المملكة بدراجته، ثم عاد وطاف دول الخليج واليمن للتعريف بجازان وبرياضة الدراجات، ويخطط لرحلة عبر مصر وأوروبا، ووصفته الصحافة برحالة الخليج، وعرفت أنه مؤسس فرقة نجوم جازان للدراجين، وعضو الاتحاد السعودي لرياضة السيارات والدراجات، وعضو البايكرز الدولية. يستغل كل فرصة ويتطوع في كل مناسبات المؤسسات الحكومية والأهلية ومهرجانات منطقته وبلاده، لتكريس العمل التطوعي الخيري والتعريف برياضة الدراجات ووسائل السلامة فيها. كتب قبل شهرين "رزقني الله بمولودة أسأل الله العلي القدير أن يرزقني برها وأن يجعلها من حفظة كتاب الله وسنة نبيه". قبل ثلاثين يوما انطلق على دراجته إلى أبوظبي حاملا كالعادة منشوراته التعريفية بمنطقته، للمشاركة في احتفالات الإمارات بالعيد الوطني، ثم قفل عائدا إلى جازان، غير أن حفرة غبية بلا ضمير على الطريق شمال الطائف أنهت رحلته كلها، حفرة لم تعرف يوما معنى العلم المرفوع على دراجته، ولا ذلك الذي يزين الجانب الأيسر من صدره، رحمه الله. رحلة العصفور كانت قصيرة لكنها فاخرة ومكتملة في ليالي الوحشة ستحكيها "فانوس العش" لطفلة صغيرة هي ما تبقى من "الصبي الذكي العظيم".