كأنه عريس ليلة عرسه، يتجمل الشاب طالب الوظيفة بأجمل هندامه، ويصطف في طابور طويل أمام مكتب المسؤول عن التوظيف في سبيل الحصول على الوظيفة المنشودة، وحتى وإن بدت المهمة سهلة في نظير كثيرين، إلا أنها تمثل لطالب الوظيفة هماً مقلقا، يبعث على شيء من التوتر وكثير من الارتباك، إنها امتحان آخر حتى وإن كان ليس بين أسوار المدارس والجامعات. تبلغ رهبة المقابلة الشخصية ذروتها حينما يجلس المتقدم لها على الكرسي المقابل للمسؤول عن التوظيف، وحتى وإن بدأ ذلك المسؤول لطيفاً، إلا أن الموقف بحد ذاته مربك لشاب لم يتعود على تلك المقابلات، ويخشى الخطأ الذي يبعث على انطباع قد يقصيه عن تلك الوظيفة المنشودة، مما يدفع كثيرين للمبالغة في إظهار الثقة بأنفسهم، وهو أمر قد يعطي هو الآخر انطباعاً سلبياً لدى ذلك المسؤول. وتكمن خطورة المقابلة الشخصية لطالبي العمل في كونها تعطي انطباعاً أولياً ووحيداً قد لا يعطي الصورة الحقيقية عن ذلك الشاب، مما قد يفوت عليه وعلى المنشأة فرصة أن يكن الرجل المناسب في المكان المناسب، كما أن الظروف المحيطة بمكان المقابلة ومدتها حسب مختصين تؤثر في حيثيات ومعطيات تلك المقابلة. وفي هذا الصدد أكد محمد الرويتع – المختص في مجال التوظيف – أنه من حيث المبدأ لا يرى بأنه يجب أن تكون المقابلة الشخصية حداً فاصلاً في مسألة قبول توظيف الموظف من عدمه، مبدياً قناعته بأن المقابلة الشخصية قد تتضمن ما أسماه "تمثيلاً" من قبل طالب العمل لا يظهر شخصيته الحقيقية التي قد تظهر بعد توظيفه، وقال: أنا أرى أن المقابلة الشخصية لا تعكس الشخصية الحقيقية لطالب الوظيفة، مما يعني أنها مرد لقاء قد تبنى عليه قرارات ربما لن تكون سليمة، لكنها في لوقت ذاته إذا كانت من ضمن سياسيات التوظيف في الشركة وباتت أمراً واقعاً فإنه يجب أن تتم تلك المقابلة في ظروف مناسبة. وأضاف الرويتع: إذا ما اقتنعت الشركة أن المقابلة الشخصية حداً فاصلاً في مسألة قبول الموظف من عدمه، فإنه يجب أن تتم تلك المقابلة على انفراد، وأن تكون في بيئة هادئة، خالية من الاتصالات والمؤثرات الخارجية، وأن يكون طالب الوظيفة مستمعاً جيداً لأسئلة وحدث المسؤول عن التوظيف، وأن يكون حديثه حينما يُسأل عن أمر ليس متشعباً في إجابته على ذلك السؤال، وأن كثرة الإسهاب والتي قد يقصد منها طالب الوظيفة أنه قادر على التحدث قد تجعله توه في الحديث ويخرج بعيداً عن فحوى السؤال. وأشار الرويتع أن المقابلة الناجحة هي تلك التي لا تتضمن أسئلة شخصية كثيرة، وإنما هي الأسئلة التي تضع المتقدم للوظيفة في موقف معين، ثم يسأل: كيف ستتصرف، مبيناً أن مثل هذه الأسئلة الخاصة بالمهنة التي يتقدم لها طالب الوظيفة تعطي مؤشرات قوية أحياناً كثيرة على قدراته وإمكانياته الوظيفية، ومدى ملاءمتها لتلك الوظيفة. وقال إن المقابلة إذا ما تضمنت شبه قناعة بأن هذا الموظف مناسب للوظيفة، فإنه من الحكمة إجراء مقابلة أخرى نهائية يتم فيها القرار النهائي حيال توظيفه على أن يقوم بالمقابلة الثانية مسؤول آخر بحيث يتم تقييم طالب العمل من قبل شخصين مما يرجح من كفة القناعة به أو ينهيها. وبين الرويتع أن التطور للمقابلة الشخصية خاصة في الوظائف الابتدائية يتجه نحو تطبيق جانب من القيام بالعمل من قبل الموظف المتقدم للوظيفة، بحيث يقوم بممارسة جزء من العمل في تلك الوظيفة وتقديم قدراته في هذا المجال بشكل عملي، وهو أمر يظهر القدرات الحقيقية لطالب الوظيفة ولو بشكل جزئي.