يوماً بعد يوم تتكشف لنا حقائق جديدة عن مسمى الصحوة الدينية ،التي عايشناها حقبة من الزمن، والتي لم تجلب لمجتمعنا إلا التطرف والانحراف بالفكر كونها غلفت بغطاء ديني وبأهداف ومصالح ومكاسب سياسية ودنيوية. الصحوة التي ينظر إليها البعض ويمجدونها، والبعض يترحم عليها جعلتنا نعيش منفصلين عن الواقع المعاش والسبب يعود إلى أننا ابتلينا بالبعض من مدعي الدين والغيرة عليه وأنهم فقط يمثلون الإسلام الحقيقي وغيرهم على باطل؟! وذلك في مطلع الثمانينات من العام الهجري. الصحوة في مفهوم من ابتدعها أننا كمسلمين في مجتمعنا كنا نغط في نوم عميق وجهلة بالدين وأننا كنا نعيش في بدع وخرافات؟! وأتوا مدعين الدين ليوقظونا من سباتنا العميق ،ويجعلون من هذا الدين اليسر العظيم الوسطي دين عسر فعقدوا البسيط الذي عليه خلاف بين أئمة المذاهب وبسطوا الأمور التي نهى بل حرم الإسلام عنها كذبح الناس كالخراف في الميادين العامة وفي الشوارع،والسكوت عن التشويه الكامل للدين الذي تقوم به تلك الجماعات الإرهابية بمسمياتها الدينية المختلفة بل صورونا نحن المسلمين بأننا وحوش متوحشة كل ينظر لنا بالريبة تارة وتارة أخرى بالكراهية ،يمارسون علينا عدوانيتهم وعنصريتهم البغيضة وحقدهم بسبب فئة ضالة قليلة تمارس انحرافها وإجرامها على شعوبها في ظل سكوت أهل العلم الشرعي الصحيح من قول كلمة الحق ضدهم وتبيان غيهم وطغيانهم وفهمهم القاصر للدين؟!عشنا مرحلة كئيبة من عمرنا بسبب هؤلاء المنحرفين في الدين فأصبحوا يدفعون الناس للمساجد دفعاً بالعصا وبالتهديد والوعيد بل وصل بهم الحد إلى أن تحضر عند إمام المسجد وتسجل اسمك وإلا يعتبرك متخلفاً عن الصلاة وكأننا نصلي لهم وليس لله سبحانه وتعالى! يتفقدون الناس في صلاة الفجر بل يذهبون إلى منازلهم لكي يخرجوهم للصلاة ويكتبون عليهم تعهدات في مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي كانت تصول وتجول في ذلك الوقت بدون رقيب ولا حسيب فكانت توقف أي سيارة فيها امرأة ورجل وعليك أن تثبت لهم بأن هذه زوجتك ،بمعنى أن عقد الزواج يجب أن يكون دائما في درج السيارة ،وإذا كان غير موجود فإن عليك أن تحفظ لون الثلاجة في البيت ولون غرفة النوم حتى تجتاز الامتحان الصعب وتنفذ بجلدك منهم؟! المضحك أن إدارة الهجرة في أمريكا تتبع نهج الهيئة في الكشف عن الذين يتزوجون الأمريكيات من أجل الحصول على الكرت الأخضر من خلال الاتفاق بين الأجنبي والأمريكية ؟! هذه حالة واحدة من ما يسمى بالصحوة والحالة الثانية من حالات الصحوة هي المطويات والنشرات والخطب والفتاوى المتعددة والمتناقضة والمسيسة والتسجيلات الإسلامية التي انتشرت انتشار النار في الهشيم والتي يذهب ريعها بعشرات الملايين لأبطال الصحوة بل كراتين المساجد التي كانت عاملاً من العوامل الرئيسة لتغذية الإرهاب. الصحوة الأخرى أنهم يصدرون صكوك غفران ،مثل صكوك الغفران التي كانت تصدرها الكنيسة في العصور الوسطى ،عند مداخل البقالات الكبيرة فكفارة حلف اليمين بـ (15) ريالاً ويأتي ذلك الأداء للصحويين من جنسية عربية وعليه ثوب قصير إلى ركبته ،ويقول لك (قزاك الله خيرا). انهم جماعة ما يسمى بالإخوان المسلمين الذين احتضناهم في نهاية السبعينيات الهجرية فابتلينا بهم وتغلغلوا في مفاصل المجتمع وفي المدارس والجامعات والمصالح الحكومية .يرسلون أولادهم لأوروبا وأمريكا وكندا لدراسة الطب والهندسة وغيرها من العلوم النافعة وأولادنا يرسلونهم إلى الجهاد في سبيل الله ،أي إلى جهنم وبئس المصير بفتاوى مسيسة باسم الجنة وحور العين ؟! يتنعمون هم وأولادهم ويتزوجون ما طاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع، ويسكنون في قصور، ونحن وأولادنا لا نحظى بتلك الامتيازات؟! بل علينا أن نأخذ التعليمات والعظات والفتاوى منهم فقط. تخلصنا منهم ولكن فكرهم المنحرف مازال يغسل أدمغة البعض من الشباب وصغار السن السذج المغرر بهم. فكر هذه الجماعة غير قابل للنقاش للمعتنقين له بل عليك الأخذ به فهو أتى من المرشد العام لهذه الجماعة وكأنه ملك منزل من السماء؟! هذه الجماعة أتى بها الاستعمار الإنجليزي. فالاستعمار بوجه عام لا يترك بلداً إلا ويخربه ويجعل فيه ليس فحسب من يعيق التنمية بل يترك فيه معاول هدم كلما أرادت الشعوب والأوطان أن تنهض قمعوها بفكرهم المنحرف الضال وبفتاواهم المسيسة التي تزعزع أمن واستقرار الأوطان وتحرض على الفتنة والخروج عن النظام العام. الصحوة التي أتت بها هذه الجماعة هي صحوة قمع وابتزاز وتسطيح للعقول لا بد من صحوة أخرى يقودها أهل العلم الشرعي الصحيح الملمين الماماً كاملاً بجميع المذاهب الإسلامية فيأخذون من جميع المذاهب الميسر وما يناسب هذا العصر الذي نعيش فيه من أجل أن ينظم حياتنا على وجه هذه البسيطة.